responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأسرار الفاطميّة نویسنده : الشيخ محمد فاضل المسعودي    جلد : 1  صفحه : 292

الإسلام بكل أبعاده ، حين تخرج مع أبيها رسول الله في ساحات القتال والجهاد ، تضمّد جراحه وجراح بعلها الوصي ، وتمسح عنهما الآلام والأحزان ، كانت تصور الإسلام ، عندما تستقبل بطل الإسلام علياً أمير المؤمنين ، وهو عائد من الحرب ، فيدفع السيف لها قائلاً :

أفاطم هاك السيف غير ذميم

فلست برعديدٍ ولا بمليمِ

أجل ... إنها تصور الإسلام عندما تخلع ثوبها ليلة الزفاف وتدفعه لفتاة فقيرة تبدو عليها رقة الحال ، ويسألها أبوها عن ثوبها الجديد ، فتجيبه بقولها : أبتاه يا رسول الله لقد طرقت عليّ الباب فتاة فقيرة تطلب ثوباً فأخذت ثوبي القديم لأدفعه لها ... ولكنني تذكرت قوله تعالى : ( لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) [١].

وأنا أحب الثوب الجديد فآثرتها به على نفسي فخلعت ثوبي الجديد وأعطيته لها !

أية عظمة هذه ، وأية نفس كبيرة تطالعنا بها حياة فاطمة ، وسيرتها العذبة التي تتضوع عطر الجنة ؟! إن فاطمة تخطوها سلام الله عليها ـ لتصور الإسلام بشكل جذاب وجميل وبكل كلمة تقولها ... إن ذلك يظهر بوضوح في خطبتها المشهورة المليئة بالفكر ، والعطاء ، والمبادرة ، ان شعائر الإسلام تتحول إلى سلوك عندها فإذا أنت أمام شعائر تفور بالحركة ، والعطاء ، وتتفجر بالصور الساخنة ، والمعاني الحية وتتحول في النهاية إلى واقع معيوش أساسه الإيمان وركائزه الفضائل وهياكله التسامح والرحمة.

ليس عند فاطمة شعائر جامدة ، ولا عبادة راكدة ، ولا طقوس فارغة من المحتوى ، بل الشعيرة الدينية عند فاطمة متدفقة بالعطاء ، مليئة بالمبادرة والانطلاق الصائب نحو الهدف والغاية إن الشعيرة الدينية ـ أية شعيرة ـ من دون فاطمة ، تغدو شعيرة جامدة باهتة ، تجري في رتابة مملّة ، فإذا لمستها فاطمة الزهراء ، لمسة واحدة ، اهتزت ، وربت وأعطت ثمارها ، ان لمسة واحدة من فاطمة للشعائر ، تكفي لتحويلها إلى سلوك عملي يمشي في الناس مشية النور ... وذلك أن فاطمة لا تتعامل مع الشعارات الفارغة ، ولا


[١] آل عمران : ٩٢.

نام کتاب : الأسرار الفاطميّة نویسنده : الشيخ محمد فاضل المسعودي    جلد : 1  صفحه : 292
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست