يُؤْذُونَ
رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[١]. وقال سبحانه : (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ)[٢]. وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ
لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا)[٣]. فالقول بجواز ايذائه صلىاللهعليهوآلهوسلم ردّ لصريح القرآن ، ولا يرضىٰ به
أحد من أهل الإيمان ، فإن قيل : إنّما دلّت الأخبار علىٰ عدم جواز إيذائها ،
وهو إنما ينافي صدور الذنب منها يمكن للناس الاطلاع عليه ، حتىٰ يؤذيها
نهياً عن المنكر ، ولا ينافي صدور معصية عنها خفيّة فلا يدل علىٰ عصمتها
مطلقاً.
قلنا : نتمسك في دفع هذا الاحتمال
بالإجماع المركب أن ما جرى في قصة فدك وصدر عنها من الانكار علىٰ أبي بكر
ومجاهرتها بالحكم بكفره وكفر طائفة من الصحابة وفسقهم تصريحاً وتلويحاً ، وتظلمها
وغضبها علىٰ أبي بكر ، وهجرتها وترك كلامها حتىٰ ماتت ، لو كانت معصية
لكانت من المعاصي الظاهرة التي قد أُعلنت بها علىٰ رؤوس الأشهاد ، وأي ذنب
أظهر وأفحش من مثل هذا الردّ والانكار علىٰ الخليفة المفترض الطاعة علىٰ
العالمين ؟ بزعمهم فلا محيص لهم عن القول ببطلان خلافة خليفتهم العظمىٰ
تحرزاً عن إسناد هذه المعصية الكبرىٰ إلىٰ سيدة النساء.
٣ ـ ونحتج أيضاً في عصمتها عليهاالسلام بالاخبار الدالة علىٰ وجوب
التمسك بأهل البيت عليهمالسلام
وعدم جواز التخلف عنهم ، وما يقرّب هذا المعنىٰ ، ولا ريب في أن ذلك لا يكون
ثابتاً لأحد ، إلاّ إذا كان معصوماً إذ لو كان ممّن يصدر عنه الذنوب لما جاز
إتباعه عند إرتكابها ، بل يجب ردعه ومنعه وايذاؤه واقامة الحد عليه وإنكاره بالقلب
واللسان وكل ذلك ينافي ما حث عليه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
وأوصىٰ به الأمة في شأنهم ، ويكفي في ذلك ما رواه المخالفون لنا عن الترمذي
عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلّوا ، أحدهما أعظم من الآخر وهو كتاب الله
حبلٌ ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتّىٰ يردا علي
الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فلا يهولنَّك ما يقرع سمعك من الطنين آخذاً