البعيد الذي رسمه
الإسلام للمرأة من حقوق وواجبات ، ومدى فاعليتها في بناء المجتمع الإسلامي. وعلى
هذا الأساس تقاس سائر جوانب شخصية الزهراء عليهاالسلام[١].
٣ ـ قال العلامة محمد بن طلحة الشافعي :
اعلم ـ أيّدك الله بروح منه ـ أن الأئمة الأطهار المعدودة مزاياهم في هذا المؤلّف
، والهداة الأبرار المقصودة سجاياهم بهذا الصنف لهم برسول الله زيادةً على اتصالهم
به بواسطة فاطمة عليهاالسلام.
فبواسطتها زادهم الله تعالى فضل شرف وشرف فَضْل ، ونيل قدر وقدر نيل ، ومحلَّ علوّ
وعلوَّ محلٍّ ، وأصل تطهير وتطهير أصل ... فانظر بنُور بصيرتك ـ أمدَّك الله
بهدايتها ـ إلى مدلول هذه الآية [٢]
وترتيب مراتب عباراتها وكيفيَّة إشارتها إلى علوّ مقام فاطمة عليهاالسلام في منازل الشرف وسمو درجتها ، وقد بيّن
ذلك وجعلها بينه وبين عليًّ تنبيهاً على سرّ الآية وحكمتها ، فإن الله عزّ وجل جعلها
مُكتَنفةً من بين يديها ومن خلفها ليظهر بذلك الاعتناء بمكانتها. وحيث كان المراد
من قوله « وأنفسَنا
» نفس عليًّ مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم جعلها بينهما إذا الحراسة بالأحاطة
بالأنفس أبلغ منها بالأبْناء في دلالتها [٣].
٤ ـ قال الحافظ أبو نعيم الإصفهاني :
ومن ناسكات الأصفياء وصفيّات الأتقياء فاطمة ـ رضي الله تعالى عنها ـ السيّدة
البتول ، البضعة الشبيهَة بالرسول ، وأوَّلهم بعد وفاته به لحوقاً ، كانت عن
الدنيا ومُتعتها عازفةً ، وبغوامض عيوب الدنيا وآفاتها عارفة [٤].
٥ ـ قال عبد الحميد ابن أبي الحديد :
وأكرم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
فاطمة إكراماً عظيماً أكثر مما كان الناس يظنُّونه وأكثر من إكرام الرجال لبناتهم
، حتى خرج بها عن حدّ حبِّ الآباء للأولاد ، فقال بمحضر الخاصّ والعامّ مراراً لا
مرّة واحدة ، وفي مقامات مختلفة لا في مقام واحد : « انها سيدة نساء العالمين ،
وإنها عديلة مريم بنت عمران ، وإنها إذا مرّت في الموقف نادى مناد من جهة العرش :
يا أهل الموقف غضُّوا أبصاركم