نام کتاب : الأمر بين الأمرين نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 33
وسوف نعود إلى دراسة هذه النقطة مرة
أخرى في سياق هذا البحث.
الاستغلال السياسي للحتمية :
وأكثر النتائج السلبية المترتبة على الإيمان
بهذه الحتميات ، تعطّل دور الانسان وحركته في بناء التاريخ ، وتعطل دوره في تقرير
مصيره. فإنّ الانسان إذا آمن بأنّ حركته وفعله يخضع لسلسلة من العوامل الحتمية
الخارجة عن إرادته وإختياره يشعر بأنّه عنصر فاقد التأثير ، لا دور له في صناعة
مصيره ومصير مجتمعه ، ومع هذا الإيمان وهذه القناعة لا يمكن أن يكون الإنسان
مصدراً للتحرك والتغيير في حياته الفردية والاجتماعية.
ولذلك ، فإنّ الإيمان بالحتمية ( التاريخية
والفردية ) كان موضع تبنّي الأنظمة الاستبدادية في تاريخ الإسلام.
فإنّ هذا الإيمان يطوّع الناس للاستسلام
السياسي ويروّضهم لقبول الظلم.
وقد كان بنو أُميّة يتبنون نظرية الجبر.
يقول أبو هلال العسكري : إنّ معاوية أوّل من زعم أنّ الله يريد أفعال العباد كلّها
[١] ولما اعترض
عبدالله ابن عمر على معاوية في تنصيب ابنه يزيد خليفة من بعده. قال له معاوية : ( إنّي
أحذرك أن تشق عصا المسلمين وتسعى في تفريق ملأهم ، وأن تسفك دماءهم ، وإنّ أمر
يزيد قد كان قضاء من القضاء، وليس للعباد خيرة من أمرهم ) [٢].