نام کتاب : الحديقة الهلالية شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجّاديّة نویسنده : العاملي، محمّد بن الحسين جلد : 1 صفحه : 131
جرائمنا ـ حال قراءة
تلك الفقر ـ نصب أعيننا ؛ وقبائح أعمالنا ـ عند تلاوة تلك الفصول ـ مطمح نظرنا.
تذكرة
:
ينبغي لنا إذا تلونا قوله عليهالسلام : « هلال أمن من الآفات » أن لا نقصرها
على الافات البدنية ، بل نطلب معها الأمن من الآفات النفسية أيضاً ، من الكبر
والحسد ، والغلّ والغرور ، والحرص وحب المال والجاه ، وغير ذلك من دواعي النفس
وحظوظها ، ومشتهياتها البهيمية والسبعية ، فإنّ طلب الأمن من هذه الآفات التي
بمنزلة الكلاب العاوية والحيات الضارية الموجبة للهلاك الحقيقي أهم وأحرى وأليق
وأولى ، وقد قدّمنا في الحديقة الأخلاقية من شرحنا هذا وهي الحديقة العشرون في شرح
دعائه عليهالسلام في مكارم
الأخلاق كلاماً فيما يعين على إلاحتراز عن هذه الافات ، وقلنا هناك : أنه لا يحصل
الأمن التام منها إلاّ بإخراج التعلق بالدنيا من سويداء الفؤاد ، وقلع هذه الشجرة
الخبيثة من أرض القلب ، فإنه ما دام الإقبال على الدنيا متمكناً في النفس ، لا
يمكن حسم مواد هذه الافات عنها رأساً ، بل كلّما دفعتها وحسمتها عادت إلى ما كانت
عليه أولاً [١].
وقد شبه بعض أصحاب القلوب [٢]ذلك بحال شخص عرض له مهم يحتاج إلى فكر
وتأمل تام ، فاراد أن يصفو وقته ، ويجتمع باله ، ليتفكر في هذا المهم ، فجلس تحت
شجرة ، واشتغل بالفكر فيه ، وكانت العصافير ـ وغيرها من الطيور ـ تجتمع على تلك
الشجرة ، وتشوش عليه فكره باصواتها وتكدر وقته ، فأخذ خشبة وضرب بها الشجرة ،
فهربت العصافير والطيور عنها ، ثم اشتغل بفكره فعادت كما كانت فطردها مرة أخرى
فعادت أيضاً ، وهكذا مراراً فقال له شخص : يا هذا ، إن أردت الخلاص فاقطع الشجرة
من أصلها فإنها ما دامت باقية فإنّ العصافير والطيور تجتمع عليها ألبتة.