نام کتاب : مسكّن الفؤاد عند فقه الاحبة والاولاد نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 88
قد صرع ، والنمل
يأكل لحمه ، فرفعت رأسه ، ووضعته في حجري ، وأنا أردد الكلام ، فلمّا أفاق قال :
من هذا الفضوليّ الذي يدخل بيني وبين ربي؟ فوحقّه لو قطّعني إرباً إرباً ، ما
ازددت له إلاّ حبّاً.
وقطعت رجل بعضهم من ركبته من إكلة [١] خرجت بها ، فقال : الحمدلله الذي أخذ
منّي واحدة ، وترك ثلاثاً ، وعزّتك لئن كنت أخذت لقد أبقيت ، ولئن كنت ابتليت لقد
عافيت ، ثمّ لم يدع ورده تلك اللّيلة.
وقال بعضهم ، نلت من كل مقام حالاً إلاّ
الرضا بالقضاء ، فما لي منه إلاّ مشامّ الريح ، وعلى ذلك لو أدخل الخلائق كلّهم
الجنة ، وأدخلني الناركنت بذلك راضياً. وقيل لبعض العارفين : نلت غاية الرضا عنه ،
فقال : أما الغاية فلا ، ولكن مقام من الرضا قد نلته ، لوجعلني الله جسراً على
جهنم ، تعبر الخلائق عليّ إلى الجنة ، ثمّ ملأ بي جهنّم لأحببت ذلك من حكمه ،
ورضيت به من قسمه.
وهذا كلام من علم أنّ الحبّ قد استغرق
همّه ، حتى منعه الإحساس بألم النار ، واستيلاء هذه الحالة غير محال في نفسه ،
لكنّه بعيد من الأحوال الضعيفة في هذا الزمان ، ولاينبغي أن يستنكر الضعيف المحروم
حال الأقوياء ، ويظنّ أنّ ما هو عاجز عنه يعجز عنه غيره من الأولياء.
وكان عمران بن حصين [٢] ـ رضياللهعنه
ـ استسقى بطنه ، فبقي ملقى على ظهره ثلاثين سنة لا يقوم ولا يقعد ، قد ثقب له في
سريره موضع لقضاء الحاجة [٣]
، فدخل عليه أخوه العلاء فجعل يبكي لما يرى من حاله ، فقال : لم تبكي؟ قال : لأنّي
أراك على هذه الحالة العظيمة ، قال : لا تبك ، فإن أحبّه لي الله تعالى أحبه ، ثمّ
قال : أحدّثك شيئاً لعلّ الله [٤]
ينفعك به ، واكتم عليّ حتى أموت ، إنّ الملائكة لتزورني [٥] فآنس بها ، وتسلّم عليّ فأسمع تسليمها
، فأعلم بذلك أنّ هذا البلاء ليس بعقوبة ، إذ هو سبب لهذه النعمة
[٢] في « ش » و « ح
» : عمر بن حصين ، والصواب ما أثبتناه وهو عمران بن حصين بن عبيد بن خلف الخزاعي
الكعبي ، اسلم عام خيبر ، بعثه عمر بن الخطاب إلى البصرة توفي سنه ٥٢ أو ٥٣
للهجرة. راجع « اسد الغابة ٤ : ١٣٧ ، تهذيب التهذيب ٨ : ١٢٥ ، الإصابة في تمييز
الصحابة ٣ : ٢٦ ».