نام کتاب : مسكّن الفؤاد عند فقه الاحبة والاولاد نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 86
بالموت مزيد تنبّه
واستكشاف ، وهذا أمر واضح من حيث الإعتبار ، وتشهد له جملة من الآثار ، وردت من
أحوال المحبيّن وأقوالهم ، يأتي بعضها إن شاءالله تعالى ، وهذه مرتبة المقرّبين.
الدرجة الثالثة : أن يبطل أحساسه بالألم
، حتى يجري عليه المؤلم ولايحس ، وتصيبه جراحة ولايدرك ألمه.
ومثاله الرجل المحارب ، فإنّه في حال
غضبه أو حال خوفه قد تصيبه جراحة وهو لا يحسّ بها ، حتى إذا رأى الدم استدلّ به
على الجراحة ، بل الذي يعدو في شغل مريب قد تصيبه شوكة في قدمه ، ولا يحسّ بألمه
لشغل قلبه ، بل الذي يحجم ، أو يحلق رأسه بحديدة كالّة يتألم بها ، فإن كان قلبه
مشغولاً بمهمّ من مهماته ، يفرغ الحجام أو الحالق ، وهو لا يشعربه.
وكلّ ذلك لأنّ القلب إذا صار مستغرقاً
بأمر من الأمور لم يدرك ماعداه.
ونظائر ذلك في هموم أهل الدنيا ،
واشتغالهم بها ، واكبابهم عليها ، حتى لا يتألمون ، ولا يحسّون بالجوع والعطش
والتعب ـ لذلك ـ كثير مشاهد عياناً ، فكذلك العاشق المستغرق الهم بمشاهدة محبوبه ،
قد يصيبه ما كان يتألّم به ، أو يغتمّ لولا عشقه ، ثمّ لا يدرك غمّه وألمه ، لفرط
استيلاء الحب على قلبه ، هذا إذا أصابه من غير حبيبه ، فكيف إذا أصابه من حبيبه؟!
وشغل القلب بالحبّ والعشق من أعظم
الشواغل ، وإذا تصوّر هذا في ألم يسير بسبب حبّ خفيف ، تصوّر في الألم العظيم
بالحبّ العظيم ، فإنّ الحب أيضا يتصوّر تضاعفه في القوة ، كما يتصوّر تضاعف الألم
، وكما يقوى حب الصور الجميلة المدركة بحاسّة البصر ، فكذا يقوى حب الصور الجميلة
الباطنة المدركة بنور البصيرة الربوبيّة ، وجلالها لا يقاس بها جلال ، فمن انكشف له
شيء منه فقد يبهره ، بحيث يدهش ويغشى عليه ، فلا يحس بما يجري عليه.
كما روي عن امرأة أنها عثرت فانقطع
ظفرها ، فضحكت ، فقيل لها : أما تجدين الوجع؟ فقالت : إن لذّة ثوابه أزالت عن قلبي
مرارة وجعه.
وكان بعضهم يعالج غيره من علّة فنزلت به
، فلم يعالج نفسه ، فقيل له في ذلك ، فقال : ضرب الحبيب لا يوجع.
نام کتاب : مسكّن الفؤاد عند فقه الاحبة والاولاد نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 86