الهمام له ب « مساواة محل لآخر في علة حكم له
شرعي لا تدرك بمجرد فهم اللغة » ، ويفهم من البعض الآخر الثاني مثل تعريف البيضاوي
له ب « إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما في علة الحكم عند المثبت »
وبما أن القياس حجة أقامها الشارع لتعرف الأحكام لم يرض المتأخرون بتعريف البيضاوي
ونظائره ، بل أخذوا لفظ المساواة فيه ، لأن مساواة المحلين في العلة هي التي تصلح
أن تكون معرّفة للحكم ودليلاً.
فاشترطوا في القياس أن يكون للحكم
المعلوم علة يدركها العقل ثم توجد العلة في محل آخر. وقالوا : « لا يشترط أن يكون
ثبوتها في الفرع قطعياً ، بل يجوز أن تكون ثابتة بدليل مظنون ». واكتفوا بظن
المجتهد أن الحكم في الفعلين واحد [١].
وتسمى تلك
العلة بالمستنبطة قبال العلة المنصوصة في الدليل. والأولى هي التي أنكر الأئمة من
أهل البيت (ع) بناء الأحكام عليها وأقاموا الشواهد على بطلانها ، لقصور العقل عن
إدراك علل الأحكام فلا يصح بناؤها على تلك التخمينات والمناسبات والظنون التي لم
تثبت حجيتها في الشرع بل ثبت عدمها بالأدلة التي سبق الاشارة الى بعضها. « قل ءآللّه أذن لكم أم
على اللّه تفترون » [٢].
ولذا لم يكن العمل بالقياس معروفاً في
صدر الاسلام ، بل هناك تصريحات للصحابة والتابعين بمنعه ذكرها ابن حزم الأندلسي في
( رسالته ) وقال : « ثم حدث القياس في القرن الثاني فقال به بعضهم وأنكره سائرهم
وتبرأوا منه ». وعلّق عليه سعيد الأفغاني بقوله : « ويؤكد ابن حزم قوله هذا في
كتابه ( الاحكام ) فيقول : إنه بدعة حدثت في القرن الثاني