الأشتر لمن حوله من
النُخع وغيرهم من أشراف الكوفة : ألا تسمعون؟ فوثبوا عليه بحضرة سعيد فوطؤه وطأً
عنيفاً وجرّوا برجله.
فغلظ ذلك على سعيد وأبعد سُمّاره فلم
يأذن بَعدُ لهم ، فجعلوا يشتمون سعيداً في مجالسهم ثم تعدوا ذلك إلى شتم عثمان.
واجتمع إليهم ناس كثير حتى غلظ أمرهم ،
فكتب سعيد إلى عثمان في أمرهم ، فكتب إليه أن يُسيّرهم إلى الشام لئلا يُفسدوا أهل
الكوفة ، وكتب إلى معاوية وهو والي الشام :
« إن نفراً من أهل الكوفة قد همّوا
بإثارة الفتنة وقد سيرتهم إليك ، فإنهَهُم فإن آنست منهم رشداً فأحسِن إليهم
وارددهم إلى بلادهم » [١].
وحين قدموا الشام دارت محاورات بينهم
وبين معاوية وكان لهم معه مجالس ، وقد قال لهم معاوية في جملة ما قال : « إن
قريشاً قد عرفت أن أبا سفيان أكرمها وابن أكرمها ، إلا ما جعل الله لنبيه (ص) فإنه
انتجبه وأكرمه ، ولو أن أبا سفيان ولَدَ الناس كلهم لكانوا حكماء!
فقال له صعصعة بن صوحان : كذِبت ، قد
ولَدَهُم خيرٌ من أبي سفيان ، من خلقه الله بيده ونفخَ فيه من روحه ، وأمر
الملائكة فسجدوا له ، فكان فيهم البَرُّ والفاجر والكيّس والأحمق.
وفي بعض المحاورات قال لهم معاوية : «
أيها القوم ، ردوا خيراً واسكنوا وتفكروا وانظروا فيما ينفعكم والمسلمين فاطلبوه
وأطيعوني.
فقال له صعصعة : لستَ بأهلِ لذلك ، ولا
كرامة لك أن تُطاع في معصية الله.
فقال : إن أول كلام ابتدأتكم به أن
أمرتكم بتقوى الله وطاعة رسوله ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا.