للحلف أو العهد آثارٌ طيبة ، تعود على
المتحالفين بالنفع ، إذ يضيف إلى قوتهم قوة وإلى منعتهم منعة ، كما يحول دون النيل
من كرامة أحد الطرفين المتحالفين ، سيما إذا كان ضعيفاً أو لاجئاً اضطرته الظروف
إلى حماية نفسه بالحلف ، إلا أن المردود السلبي للتحالف يعود بالضرر على الطرف
الضعيف فقط ، لأنه لا يمكنه بحالٍ الإستقلال عن حليفه القوي في تقرير مصيره ، أو
إتخاذ موقف معين تمليه عليه إرادته أزاء قضية ما ، وقد ظهر ذلك جلياً في محنة
الضعفاء والمحالفين المسلمين في مكة.
لقد حالف ياسر أبا حذيفة المخزومي ليحمي
نفسه في مكة ، وسرى هذا الحلف إلى ولديه عبد الله وعمّار ، أما سمية ، فهي مولاة
مملوكة لأبي حذيفة تقضي التقاليد بملكية نسلها له أيضاً لولا أن وهبهم الحرية
وأعتقهم ، وبذلك غلب على عمار لقب « حليف بني مخزوم » تارةً ، ومولى بني مخزوم ،
تارةً ثانية.
ومهما يكن ، فقد نشأ عمار وعاش هو
وأبواه وأخوه في ظل حليفهم أبي حذيفة المخزومي ، وبذلك أدرجوا جميعاً في قائمة
الضعفاء والدهماء والصعاليك ، الذين لا وزن لهم ولا خطر في نظر المجتمع المكي ،
محكومين غير حاكمين ، ومأمورين غير آمرين ، وحياة كهذه تبعث على التمرد في غالب
الأحيان لما فيها من السأم والتبرم والشعور بالحيف. سيما إذا كانت