وجاء معاوية وعبد الله بن عامر حتى وقفا
عليه ، فأما عبد الله بن عامر فألقى عمامَتهُ على وجهه وترحمَ عليه وكان له أخاً
صديقاً من قبل. فقال معاوية : إكشف عن وجهه؟ فقال : لا والله لا يُمَثلُ فيه وفيَّ
روح. فقال معاوية : إكشف عن وجهه فإنا لا نُمثل فيه ، قد وهبناه لك. فكشف ابن عامر
عن وجهه ، فقال معاوية : هذا كبش القوم ورب الكعبة. اللهم أظفرني بالأشتر النُخعي
والأشعث الكندي ، والله ما مَثلُ هذا إلا كما قال الشاعر :
بعد مقتل ابن بديل ، إستعلى أهل الشام
على أهل العراق يومئذٍ ، وانكشف من قِبلِ الميمنة وأجفلوا إجفالاً شديداً ، فأمر
علي (ع) سهل بن حُنيف ، فاستقدم من كان معه ليرفِدَ الميمنة ويعضدها ، فاستقبلتهم
جموع أهل الشام في خيل عظيمة ، فحملت عليهم ، فألحقتهم بالميمنة ، وكانت ميمنة أهل
العراق متصلةً بموقف علي (ع) في القلب في أهل اليمن ، فلما انكشفوا انتهت الهزيمة إلى
علي (ع) ، فانصرف يمشي نحو الميسرة ، فانكشفت مضر عن الميسرة أيضاً ، فلم يبق مع
علي من أهل العراق إلا ربيعة وحدها في الميسرة.
قال زيد بن وهب : لقد مرّ علي (ع)
يومئذٍ ومعه بنوه نحو الميسرة ومعه ربيعة وحدها ، وإني لأرى النبل يمر بين عاتقه
ومنكبيه ، وما من بَنيهِ إلا من يقيه بنفسه ، فيكره علي (ع) ذلك ، فيتقدم عليه
ويحول بينه وبين أهل الشام ، ويأخذه بيده إذا فعل ذلك ، فيلقيه من ورائه ؛ ويُبصر
به أحمر مولى بني أمية ، وكان شجاعاً، فقال عليٌّ (ع) : ورب الكعبة قتلني الله إن
لم