له عمرو : على إن لي
حكمي إن قتلَ الله ابنَ أبي طالب ؛ واستوثقت لك البلاد.
فقال : أليس حكمك في مصر؟ فقال : وهل
مصر تكون لي عِوضاً عن الجنة ، وقتل ابن أبي طالب ثمناً لعذاب النار؟! « الذي لا يفتَرّ عنهم
وهم فيه مُبلِسون ». فقال معاوية : إن
لك حكمك أبا عبد الله إن قُتِل ابن أبي طالب. رويداً لا يسمع أهل الشام كلامك.
فقام عمرو فقال : معاشر أهل الشام ،
سووا صفوفكم قَصّ الشارِب ، وأعيرونا جماجمكم ساعة ، فقد بلغ الحق مقطعه ، فلم يبق
إلا ظالم ، أو مظلوم ..!
يقاتلون طمعاً في الحكم
وقام يزيد بن قيس الأرحبي خطيباً يحرض
أهل العراق ، فقال : إن المسلم السليم من سلم دينه ورأيه ، وإن هؤلاء القوم ـ
والله ـ ما إن يقاتلوننا على إقامة دين رأونا ضيعناه ، ولا على إحياء حق رأونا
أمتناه ، ولا يقاتلوننا إلا على هذه الدنيا ليكونوا فيها جبابرةً وملوكاً ، ولو
ظهروا عليكم ـ لا أراهم الله ظهوراً ولا سروراً ـ إذن لولِيكم مثل سعيد والوليد
وعبد الله بن عامر السفيه ، يُحدث أحدهم في مجلسه بذَيت وذَيت ويأخذ مال الله
ويقول : لا إثم عليّ فيه! فكأنما أعطي تراثه من أبيه ، كيف؟ إنما هو مال الله
أفاءه الله علينا بأسيافنا ورماحنا ، قاتلوا عباد الله ـ القوم الظالمين الحاكمين
بغير ما أنزل الله ، ولا تأخذكم فيهم لومةُ لائم ، إنهم إن يَظهروا عليكم يُفسدوا
عليكم دِينكم ودُنياكم ، وهم من قد عرفتم وجرّبتم ، والله ما أرادوا باجتماعهم
عليكم إلا شرّاً ، وأستغفر الله العظيم لي ولكم.