وجاء علي حتى مر بالأنبار ، فاستقبله
دهاقنتها بنو خُشنُوشَك [١]
ثم جاؤوا يشتدون معه ، قال : ما هذه الدواب التي معكم؟ وما أردتم بهذا الذي صنعتم؟
قالوا : أما هذا الذي صنعنا هو خُلُقٌ
منا نعظم به الأمراء ، وأما هذه البراذين فهدية لك ، وقد صنعنا لك وللمسلمين
طعاماً ، وهيأنا لدوابكم علفاً كثيراً ، قال (ع) : أما هذا الذي زعمتم أنه منكم
خلق تعظمون به الأمراء ، فوالله ما ينفع هذا الأمراء ، وأنكم لتشقون به على أنفسكم
وأبدانكم ، فلا تعودوا له. وأما دوابكم هذه ، فإن أحببتم أن نأخذها منكم فنحسبها
من خراجكم ، أخذناها منكم ، وأما طعامكم الذي صنعتم لنا ، فإنا نكره أن نأكل من
أموالكم شيئاً إلا بثمن.
قالوا : يا أمير المؤمنين ، نحن نقومه
ثم نقبل ثمنه ؛ قال : إذن لا تقوِّمُونَهُ قيمته ، نحن نكتفي بما دونه.
قالوا : يا أمير المؤمنين ، فإن لنا من
العرب موالي ومعارف ، فتمنُعنا أن نهدي لهم وتمنعهم أن يقبلوا منا؟ قال : كل العرب
لكم موالٍ ، وليس ينبغي لأحدٍ من المسلمين أن يقبل هديتكم ، وإن غصبكم أحد
فأعلمونا.
قالوا : يا أمير المؤمنين ، إنا نحب أن
تقبل هديتنا وكرامتنا. قال لهم : ويحكم ، نحن أغنى منكم! فتركهم وسار.
قصة
الصخرة ، وصاحب الدير ، وإسلام الراهب
وعطش الناس وهم في طريقهم إلى صفين ،
فانطلق علي (ع) مع بعض أصحابه حتى أتى على صخرة ضرس [٢] من الأرض كأنها ربضة عنز [٣] فأمرهم ، فاقتلعوها ، فخرج لهم ماء ،
فشربوا وارتووا وشرب الناس منه ، ثم
[١] خشن يعني طيب ونوشك
معناها راضٍ. يعني بين الطيب الراضي ـ بالفارسية.