أن ينظر إلى رسول
الله (ص) فلينظر إلى هذا الغلام ، وبعد ، فقد بعث إلي أبوه بما قد علمت ، ولا بد
من الرحيل. فقالت لها المرأة : سألتك بالله وبمحمد (ص) إلا أخبرتني بماذا بعث إليك
علي رضي الله عنه. فقالت عائشة : ويحك! إن رسول الله (ص) أصاب من مغازيه نفلاً
فجعل يقسم ذلك في أصحابه ، فسألناه أن يعطينا منه شيئاً وألححنا عليه في ذلك ،
فلامنا علي رضي الله عنه وقال : حسبكن فقد أضجرتن رسول الله (ص) فتجهمناه وأغلظنا
له في القول ، فقال : «
عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن »
فأغلظنا له أيضاً في القول وتجهمناه. فغضب النبي (ص) من ذلك وما استقبلنا به علياً
، فأقبل عليه ثم قال :
يا علي إني قد جعلت طلاقهن إليك ، فمن
طلقتها منهن فهي بائنة ، ولم يوقت النبي (ص) في ذلك وقتاً في حياةٍ ولا موت! فهي
تلك الكلمة ، وأخاف أن أبين من رسول الله (ص)
«
إنصراف عائشة إلى المدينة »
ثم دعا علي رضي الله عنه بنسوةٍ من نساء
أهل البصرة فأمرهن أن يخرجن مع عائشة إلى المدينة ، فرحلت عائشة من البصرة في تلك
النسوة ، وقد كان علي رضي الله عنه أوصاهن وأمرهن أن يتزيين بزي الرجال ، عليهن
العمائم ، فجعلت عائشة تقول في طريقها : فعل بي علي وفعل ، ثم وجّه معي رجالاً
يردوني إلى المدينة! قال : فسمعتها امرأة منهن فحركت بعيرها حتى دنت منها ثم قالت
: ويحك يا عائشة أما كفاك ما فعلتِ حتى أنك الآن تقولين في أبي الحسن ما تقولين!
ثم تقدمت النسوة وسفرن عن وجوههن ، فاسترجعت عائشة واستغفرت وقالت : هذا مالقيت من
ابن أبي طالب.
ثم دخلت عائشة المدينة وصارت إلى منزلها
نادمةً على ما كان منها ، وانصرفت النسوة إلى منازلهن بالبصرة.
وكانت عائشة إذا ذكرت يوم الجمل تبكي
لذلك بكاءً شديداً ثم تقول :