لم تَفُت سلمان رضي الله عنه زيارة هذه
البقعة من الأرض ، بل لم يفت هذه البقعة أن تتشرف بزيارة سلمان أحد حواري الرسول الأعظم
صلىاللهعليهوآلهوسلم وأحد
المدركين لوصي عيسى عليهالسلام
، وما عشت أراك الدهر عجبا. إنني لم أكد أصدق ، وأنا أقرأ النص الذي يتحدث عن هذه
الزيارة ، لأن سلمان بقدر ما له من مكانة في نفوس المسلمين ، لم يشأ أحد من
مؤرخيهم إستعراض حياته في مؤلفاته ، بل كل ما يركزون عليه : قصة إسلامه ، وجزءٌ من
مواقفه المشهورة التي صار يعرفها القريب والبعيد والقاصي والداني ، فلذا يجد
الكاتب عن حياة سلمان صعوبةً ومشقة ، لأنه في هذا الحال سيضطر إلى الغوص في أعماق
الكتب كي يعثر على فرائد تتعلق بحياته الكريمة يصطادها من خلال ما يقرأ والتي يدونها
المؤلفون ـ عادةً ـ فيما يناسبها.
زار سلمان الشام ـ وكانت زيارة قصيرة ـ
لكنها كانت حدثاً هاماً في تأريخها فحين تناهى إلى سمع الناس فيها أن سلمان ينوي
زيارتهم ، هبوا لإستقباله ، وكأنهم يستقبلون ملكاً أو خليفة ، ولم يبق أحد من
كبراء الشام وسادتها من ذوي المكانة والشرف إلا تمنى أن ينزل سلمان في ضيافته.
وفي هذه اللحظات يسأل سلمان عن أخيه أبي
الدرداء لينزل في ضيافته فأجابوه بأنه في بيروت.
وكانت بيروت في ذلك الوقت ثغراً من
الثغور الهامة التي يرابط فيها