إن هذا النص يعطينا : أن سلمان قد وضع
اصبعه على أمر دقيق. وهام للغاية ، وله دور أساس ورئيسي في تكوين شخصية الانسان
المسلم ، وله تأثير مباشر ، وقوي فيما يتخذه من مواقف ، وفيما يقوم به من أعمال.
ثم هو يمس بالتالي ، مستقبل الامة
الاسلامية ، ومصيرها ، ومستوى ومنطلق ونوع تعاملها في القضايا الكبرى ، التي
تواجهها ، هذا .. عدا عن مساسه بالتركيبة السياسية ، التي لا بد وان تترك آثاراً
كبيرة وعميقة على المجتمع المسلم ، وعلى جميع خصائصه ، وأوضاعه بصور عامة.
وذلك لان القاء نظرة فاحصة على حالات
الناس وافكارهم ، وخصوصاً في تلك الفترة ، توضح لنا : أن الناس كانوا على حالات
شتى.
ففريق منهم لا يرى الحق والخير ، إلا من
خلال ذاته ، ونفسه ، فهو المعيار ، والميزان ، والمحور لذلك ، فمبقدار ما يجلب له
نفعاً ، ويدفع عنه ضراً في هذه الحياة الدنيا ، فهو خير ، وحق ، وحسن ومقبول ، تجب
نصرته على كل أحد ، ولا ضير في أن يضحي الآخرون بكل غالٍ ، ونفيس ، ـ حتى بأنفسهم
ـ من أجله ، وفي سبيله .. شرط أن لا تصل النوبة إلى شخص هؤلاء بالذات ، لاُن
المفروض هو أن المسؤولية ، كل المسؤولية ، تقع على عاتق الآخرون دونهم.
وهكذا .. فان القرآن والاسلام لا يمثل
لهذا النوع من الناس شيئاً ، إلا بالمقدار الذي يتفق مع هذه النظرة ، ويحقق لهم
هذه النتائج ، حتى إذا رأوا : أن مصالحهم الخاصة ومآربهم الشخصية تتعرض للخطر ،
فان على القرآن ، والاسلام ، والحق أن يتراجع ، وأٌ يعترف بأنه مخطيء ، بل ومسرف
في الخطأ ، وحيث لابد من احترام القرآن والاسلام ، فلا أقل من اتهام المسلمين ،
والعلماء ، وغيرهم بالخطأ ، أو بتعمد الخطأ في فهمهما ..
وفريق آخر : يرى : أن الحق كل الحق
دائماً في جانب القوي ، ومعه ؛ فلابد من اعطاء الحق لذي الحق مهما كلف الأمر ،
ومهما تكن النتائج.
وذلك بسبب ضعف في نفوس هذا النوع من
الناس ، وانهزام في ذواتهم