أول البعثة ، ولا في
قضية الغار ، حسب اختلاف الدعاوى .. وذكرنا هناك : أن الظاهر : هو أن اللقب قد خلع
عليه بعد وفاة النبيّ (ص) بمدة ليست بالقصيرة.
ونضيف إلى ذلك : أنه إن كان أبو بكر
نفسه قد كتب هذه الكلمة على كتاب عتق سلمان ، فنقول :
إن من غير المألوف : أن يطلق الانسان
على نفسه القاب التعظيم والتفخيم ، بل إن الانسان العظيم ، الذي يحترم نفسه ، يعمد
في موارد كهذه إلى اظهار التواضع ، والعزوف عن الفخامة والابهة.
وإن كان الآخرون هم الذين اطلقوا عليه
لقب « الصديق » ، وأضافوه إلى الكتاب من عند أنفسهم ، تكرماً وحباً ، ورغبة في
تعظيمه ، وتفخيمه ..
فذلك يعني : أنهم قد تصرفوا بالكتاب ،
وأضافوا إليه ما ليس منه ، دون أن يتركوا أثراً يدل على تصرفهم هذا ، وهو عمل مدان
، ومرفوض ، إن لم نقل : انه مشين ، لاسيما وأنهم اهملوا صديقه عمر بن الخطاب ؛ فلم
يصفوه بالفاروق ، كما وأهملوا غيره أيضاً ..
ولا يفوتنا التذكير هنا : بأن النوري قد
أورد الكتاب في : نفس الرحمان ، عن : تاريخ گزيده وليس فيه وصف أبي بكر بـ « الصديق
» ، بل وصفه بـ « ابن أبي قحافة » وهو الانسب ، والأوفق لظاهر الحال.
ج
: وأما قولهم : ان أبا ذر لم يكن قد قدم المدينة حينئذٍ؛ لاُنه إنما قدمها بعد
الخندق.
فاننا نقول : المراد : أنه انما قدمها
مستوطنا لها بعد الخندق. أما قبل ذلك ، فلعله قدمها للقاء رسول الله (ص) ، أو لبعض
حاجاته ؛ فصادف كتابة هذا الكتاب ؛ فشهد عليه ، ثم عاد إلى بلاده. وثمة رواية
اُخرى ، تشير إلى حضوره [١]
؛ فلتراجع.
[١] راجع : البحار ج
٢٢ ص ٣٥٨ واكمال الدين ج ١ ص ١٦٤/١٦٥ وروضة الواعظين ص ٢٢٧٦ ـ ٢٧٨