فكأنـه مـن سقمـه قفـص
متحطـم الأضلاع مـن خلل
عينـان مظلمتان فـوقهمـا
جفنـان مـنطبقان كـالظلل
شفتـان جامدتان فـوق فـم
متلثـم بـالصمت مشتمـل
عقـلٌ بلا رشـد يسير بـه
فقد الصواب فعـاد بـالزلل
فكـرٌ بلا وعـي يـحس بـه
فقد السـداد فـآب بالخطل
جسـدٌ بـلا قـلب ينـوء به
كمحمّـل ينزو علـى وحل
يـا منـزل السلوى بـرحمته
أنزل به السلوى على عجل [١]
وسوى هذه القصيدة قصائد اخرى في الرثاء الخاص ، منها قصيدة « يا شقيقي » التي نظمها الشاعر عند مصرع أخيه « جبار » الذي توفي وهو شاب إثر عملية جراحية فاشلة. وقد جاء في جانب من هذه القصيدة :
شقيق نفسي وكم في النفس من حُرق
موقودة عاد منها القلـب مضطرمـا
لو كان يجـدي الفدا أو يرتضى بدلاً
عنك الردى حينما في شخصك اصطدما
لكنت افديك فـي نفسي وما ملكت
كفـي واحسب انـي عدت مغتنمـا
أبكـي شبابك غضا مورقا قصفت
كف الردى عـوده الزاهـي وما رُحما
أرثيك فـي مدمع قـان قد امتزجت
سـوداء قلبـي به فـانهـل منسجما
أفديـك من مدنف والحزن يقلقـه
مروع القلب فـي أحشـائـه كلمـا
واهـي القـوى عاد مرهوناً بـعلته
قـد ضمدوا جرحه الدامي ومـا التئما
مضنى معنـىً من الآلام قد نسجت
لـه الحـوادث ثـوباً شـاحباً سقما
على سرير المنايا السـود مضطجـع
وهنـاً يصـارع جباراً بـه اصطدما
[١] المصدر السابق ، ج ٢ ، ص ٢٣٧ ـ ٢٤٢.