والنتيجة أنه لو كان المراد بالمشتقات هو المراد بالمصادر لورد عليها التثنية عند تعدد الحدث وإن اتحدت الذات فيقال ضاربان لشخص واحد مع أنه غير صحيح بلا ريب ، بينما تصح هذه التثنية مع تعدد الذات وإن اتحد الحدث مما يدل على التركيب ودخالة الذات في مفهوم المشتق.
والجواب عن ذلك : إن المدعى على القول بالبساطة هو وجود الفارق الاعتباري بين المشتق والمبدأ وكون هذا الفارق الاعتباري ناشئاً عن حيثيات واقعية ، فالعرض عند لحاظه بحده الخاص لا يصح حمله وعند لحاظه بما هو طور لموضوعه يصح حمله عليه ، وبهذا اللحاظ يصح تثنيته وجمعه ـ أيضاً ـ لأنه حاك عن الذات ووجهها المعبر عنها فيكتسب خاصية الذات ، وهي ورود التثنية والجمع عليه حين تعدد الذات وإن كان الحدث واحداً.
تركيب المشتق: ذهب معظم الأصوليين المتأخرين لتركيب المشتق ، فمفهومه عندهم ذات ثبت لها المبدأ ، أي أن معنى عالم ـ مثلاً ـ ذات ثبت لها العلم. وهذا مبنى صار مورد الاعتراض والايراد من قبل القائلين بالبساطة ، ونحن نستعرض الايرادات الواردة عليه بالتفصيل.
الايراد الأول: إن المشتقات على ثلاثة أنواع :
١ ـ ما يعقل فيه التركيب لتغاير المبدأ والذات فيه مفهوماً وواقعاً نحو زيد عالم ، فإن التغاير بين زيد والعلم مفهوماً ووجوداً واضح ، لذلك كان التركيب فيه أمراً معقولاً.
٢ ـ ما يتحد المبدأ والذات فيه واقعاً ويختلفان مفهوماً كصفات الباري عز اسمه في قولنا ـ مثلاً ـ الله عالم ، ولفظ العالم هنا مما لا يعقل التركيب فيه لاتحاد الذات المقدسة مع صفاتها ، خلافاً لمن قال بالزيادة وتعدد القدماء.
٣ ـ ما يتحد المبدأ والذات فيه مفهوماً ووجوداً كما في الحمل الشائع