نام کتاب : العبادة حدّها ومفهومها نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 18
توجيه غير سديد
إنّ بعض من يفسّر العبادة بالخضوع والتذلّل عندما يقف أمام هذه الدلائل
الوافرة، يحاول أن يجيب ويقول: إنّ سجود الملائكة لآدم أو سجود يعقوب وأبنائه
ليوسف، لم يكن عبادة له ولا ليوسف؛ لاَنّ ذلك كان بأمر الله سبحانه ولو لا أمره
لانقلب عملهم عبادة لهما.
وهذا التوجيه بمعزِل عن التحقيق؛ لاَنّ معنى ذلك أنّ أمر الله يُغيّر الموضوع،
ويبدل واقعه إلى غير ما كان عليه، مع أنّ الحكم لا يغيِّر الموضوع.
فلو نفترض أنّه سبحانه أمر بسبِّ المشرك والمنافق فأمره سبحانه لايخرج
السبَّ عن كونه سباً، فلو كان مطلقُ الخضوع المتجلّي في صورة السجود لآدم أو
ليوسف عبادة، لكان معنى ذلك أنّه سبحانه أمر بعبادة غيره، مع أنّها فحشاء
بتصريح الذكر الحكيم لا يأمر بها سبحانه، قال تعالى: (إنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالفَحشاءِ
أتَقُولونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ )[1].
وهناك تعاريف للعبادة لجملة من المحقّقين نأتي بها واحداً بعد الآخر:
1
ـ نظرية صاحب المنار في تفسير العبادة
إنّ صاحب المنار لمّا وقف على بعض ما ذكرناه حاولَ أن يُفسّر العبادة بشكل
يبعده عن بعض ما ذكرنا، لذلك أخذ في التعريف قيوداً ثلاثة:
أ ـ العبادة ضرب من الخضوع بالِغٌ حدَّ النهاية.
ب ـ ناشىَ عن استشعار القلب عظمة المعبود، لا يعرف منشأها.