نام کتاب : الشفاعة في الكتاب والسنّة نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 30
تعاليم الأنبياء وقيادتهم الحُكمية وهداية
القرآن وغيره ، إنّما تتحقّق في هذه الحياة الدنيوية ، وإن كانت نتائجها تظهر في الحياة الأُخروية ، فمن عمل
بالقرآن وجعله أمامه في هذه الحياة; قاده إلى الجنّة في الحياة الأُخروية . ولأجل ذلك نرى أنّ النبي الأكرم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يأمر الأُمّة بالتمسك
بالقرآن ويصفه بالشفاعة ويقول: «فإذا التَبَست عليكم الفتنُ كقطع الليل المظلم فعليكُم بالقرآن فإنّه شافعٌ مشفَّع وماحِل مصدَّق ، ومن جَعَلَه أمامَه قاده إلى الجنّة ، ومن جعله خلفَه ساقه إلى النار ، وهو الدليل يدلّ على خير سبيل ، وهو كتاب فيه تفصيل وبرهان»[1] .
فإنّ قوله: «ومن جعله أمامه» ، تفسير لقوله: «فإنّه شافع مشفَّع» .
والحاصل: أنّ الشفاعة القيادية شفاعة بالمعنى اللغوي ، فإنّ المكلّفين بضمّ هداية
القرآن وتوجيهات الأنبياء والأئمة إلى إرادتهم وطلباتهم ، يفوزون بالسعادة ويصلون إلى أرقى المقامات في الحياة الأُخروية ويتخلّصون عن تبعات المعاصي ولوازمها .
فالمكلّف وحده لا يصل إلى هذه المقامات ، ولا يتخلّص من تبعات المعاصي ، كما أنّ خطاب
القرآن والأنبياء وحده ـ من دون أن يكون هناك من يسمع قولهم ويلبّي نداءهم ـ لا يؤثر ما لم ينضم عمل المكلّف إلى هدايتهم ، وهدايتهم إلى عمل المكلّف فعندئذ تتحقّق هذه الغاية .
ج ـ الشفاعة المصطلحة
وحقيقة هذه الشفاعة تعني أن تصل رحمتهُ سبحانه ومغفرته وفيضه إلى عباده عن طريق أوليائه وصفوة عباده ، وليس هذا بأمر غريب; فكما أنّ