لا الحصر-: هو التفرقة في السياسة الماليّة، حيث فرّق في العطاء بين الموالي والعرب، وبين قريش وغيرهم، ومنع الموالي من دخول المدينة، وأنّ ولاة الأمصار لا يمكن أن يكونوا من الموالي، حتّى أنّ الشعوب الاخرى غير العربية صار لديها ردود فعل تجاه العرب، وظهر تيّار الشعوبيّة المعادي للعرب كردّ فعل على تصرّفات قد صدرت من هؤلاء كانت بعيدة عن منهج النبيّ محمّد صلى الله عليه و آله. واستمراراً لهذه السياسة فإنّ المهاجرين والأنصار طالبوا عليّاً عليه السلام بأن يميّزهم بالعطاء، ولكنّه قال لهم: إنّ نصرتهم للنبي محمّد صلى الله عليه و آله لها أجرها الاخروي وليس من حقّهم المطالبة بالتميّز على الآخرين في الدنيا؛ ولذلك فإنّ أمير المؤمنين عليه السلام أوّل ما فعله هو رفع تلك السياسة الفاسدة التي ورثها المجتمع الإسلامي من المتقدّمين، ولهذا عندما تسلّم دفّة الحكم السياسي لم يشأ أن يتوسّع في رقعة البلاد الإسلاميّة والداخل الإسلامي يعاني من الخواء والفساد، فتوجّه إلى الإصلاح الداخلي، وللأسف فقد واجهه أصحاب الجمل، وواجهته العصبيات القبليّة والعصبيات القرشيّة والأحزاب التي لم يروق لها عدل عليّ عليه السلام، وجميع الحروب التي أشعلها الخصوم ضدّه والتي خاضها أمير المؤمنين عليّ عليه السلام كانت دوافعها معروفة.

وحدة المنهج بين النبيّ صلى الله عليه و آله والإمام الحسين عليه السلام

ذكرنا أنّ منهج الرسول صلى الله عليه و آله قد تغيّر نتيجة للسياسة الخاطئة التي مارسها ممّن كان بعده ولم تتجاوب الامّة بنحو فاعل مع أمير المؤمنين والحسن عليهما السلام لتأصيل هذا المنهج وإلغاء الفساد، وقد ازداد الوضع سوءاً بعد تسلّط معاوية على رقاب النّاس، ومن ثمّ ابنه يزيد، حتّى وصل الأمر إلى أنّ منهج الرسول صلى الله عليه و آله كأنّه هو المخالف للشرع، فأصبحت المهمّة الكبرى في إقامة الدين هو إعادة منهاج وسنّة النبيّ صلى الله عليه و آله إلى المجتمع مرّة اخرى، ولذا فإنّ منهج النبيّ محمّد صلى الله عليه و آله نراه عند سبطه الإمام الحسين في يوم عاشوراء، الذي أخذ على عاتقه إحياء مبادئ جدّه محمّد المصطفى صلى الله عليه و آله التي تعرّضت