ثمّ ذكر عليه السلام أشعاراً لعليّ عليه السلام يستحثّ فاطمة عليها
السلام بالصدقة، وفيها مجاوبتها عليها السلام على التصدّق، وأنّه تكرّر هذا المشهد
مرّة ثانية في اليوم الثاني مع يتيم من يتامى المسلمين، وتكرّر هذا المشهد أيضاً
في اليوم الثالث مع أسير من أسرى المشركين، فأعطوه أيضاً وباتوا جياعاً وأصبحوا
مفطرين وليس عندهم شيء، وأقبل عليّ عليه السلام بالحسنين نحو رسول اللَّه صلى
الله عليه و آله وهما يرتعشان كالفراخ من شدّة الجوع، فلمّا بصر بهما رسول اللَّه
صلى الله عليه و آله قال: يا أبا الحسن، شدّما يسوؤني ما
أرى بكم، انطلق إلى ابنتي فاطمة، فانطلقوا إليها وهي في محرابها
قد لصق بطنها بظهرها من شدّة الجوع، وغارت عيناها، فلمّا رآها رسول اللَّه صلى الله
عليه و آله ضمّها إليه، فقال: وا غوثاه، أنتم منذ ثلاث فيما
أرى، فهبط جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمّد، خذها هيّأ اللَّه لك في
أهل بيتك، قال: وما آخذ يا جبرئيل؟
قال: (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ
الدَّهْرِ) حتّى إذا بلغ (إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ
جَزاءً وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً).
ورويت هذه الرواية بصيغ اخرى.
الثاني: مقام عباد اللَّه فوق الأبرار
ومن غفلات مفسّري العامّة أنّهم ظنّوا اندراج أصحاب الكساء في
الأبرار في آيات هذه السورة، وهم منهم لعدم التفاتهم إلى ما ترشده روايات أهل
البيت عليهم السلام من بيان في ظهور الآية، حيث أنّ سياق السورة يبيّن أنّ هناك
أربعة أقسامٍ من البشر، الكافرين ومقامهم، والأبرار ومقامهم، وعباد اللَّه
ومقامهم،