نام کتاب : تفسير ملاحم المحكمات نویسنده : السند، الشيخ محمد جلد : 1 صفحه : 225
فلا يصحّ التمسّك بالعمومات الفوقيّة مع وجود العمومات التنزّليّة،
لأنّها بمثابة المخصّصات والمقيّدات والمفسّرات للعمومات الفوقيّة، فلا تبقى
العمومات الفوقيّة على إطلاقها، فإنّ دور العموم النازل هو تحديد مسار التطبيقيّ
للعموم الفوقيّ، فيحدّد إطار نزوله وتنزّله في القالب الذي اشتمل عليه العموم
النازل، ومن ثمّ سمّي العموم النازل مخصّصاً ومبيّناً ومقيّداً.
وبهذا البيان يظهر تطابق الآيتين الواردة في الرهبانيّة مع قوله
تعالى:
(لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَ لا
تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)، وكم هو
بيّن مفاد آية المائدة في النهي عن اتّخاذ وابتداع طرق وسبل لم ترشد إليها الشريعة
ولا مناهج الأوصياء فيتطابق مفاد الآيات بعضها مع بعض.
الابتداع والسنن الحسنة
ثمّ لا بدّ للالفات إلى الضابطة المائزة بين الابتداع المذموم وبين
القاعدة النبويّة الواردة: «مَن سنّ سنّة حسنة كان له
أجرها وأجر مَن عمل بها إلى يوم القيامة»، فإنّ
الفارق بين الموردين هو أنّ في البدعة اتّخاذ طريقة ومنهاج لا يندرج في العمومات
النازلة، وإن اندرج في العمومات الفوقيّة، أيأنّ البدعة تتخطّى فيها القواعد
المبيّنة في الأدلّة المفسّرة للوسائل والطرق الموصلة للأهداف الشرعيّة فيتّخذ
وسيلة في عرض الوسائل والسنن المحدّدة في الشرع، فلا يكفي في تثبيت المشروعيّة
والشرعيّة اندراج الفعل في العمومات الشرعيّة فحسب، بل لا بدّ من اندراجه في
الأدلّة المفسّرة للعمومات، أو فقل: لا بدّ أن لا يتنافى الفعل مع المخصّصات
الواردة، أيلا بدّ أن يندرج تحت آخر عموم نازل مفسّر ومطبق للعمومات الفوقيّة.
ولذلك سمّى القرآن ما صنعه الرهبان ابتداع ما كُتب عليهم، مع أنّه
يندرج
نام کتاب : تفسير ملاحم المحكمات نویسنده : السند، الشيخ محمد جلد : 1 صفحه : 225