فقال زين العابدين عليه السلام: إنّ القرآن نزل بلغة العرب، فهو
يخاطب فيه أهل اللسان بلغتهم، يقول الرجل التميمي وقد أغار قومه على بلد وقتلوا
مَن فيه: قد أغرتم على بلد كذا وكذا، وفعلتم كذا وكذا، ويقول العربي أيضاً: نحن
فعلنا ببني فلان، ونحن سبينا آل فلان، ونحن خرّبنا بلد كذا، لا يريد أنّهم باشروا
ذلك، ولكن يريد هؤلاء بالعذل وهؤلاء بالافتخار أنّ قومهم فعلوا كذا وكذا.
وقول اللَّه عزّ وجلّ في هذه الآيات إنّما هو توبيخ لأسلافهم
وتوبيخ العذل على هؤلاء الموجودين؛ لأنّ ذلك هو اللغة التي بها نزل القرآن، ولأنّ
هؤلاء الأخلاف أيضاً راضون بما فعل أسلافهم، مصوّبون ذلك لهم، فجاز أن يقال: أنتم
فعلتم إذ رضيتم قبيح فعلهم» [2]).
القاعدة السابعة:
التولّي والتبرّي، والتضامن والإدانة، وهاتان القاعدتان ملحوظتان
بوضوح في نهج القرآن الكريم، وذلك من خلال استعراضه لتاريخ وأحوال الامم الماضية،
حيث استعرض القرآن الكريم جملة الأحداث المهمّة من أوّل تاريخ البشريّة، كالذي جرى
بين هابيل وقابيل وبين نوح والمؤمنين الذين معه، وبين قومه وبين الأنبياء السابقين
وأقوامهم، وأصحاب الاخدود، ويوسف وإخوته إلى عصر الرسول صلى الله عليه و آله، بل
تنبّأ بملاحم مستقبليّة أيضاً هامّة في مصير البشريّة، وفي كلّ تلك التفاصيل التي
يستعرضها يدأب القرآن على تمييز جانب الحقّ من جانب الباطل، والفصل بين المحقّ
والمبطل، وكذلك التفرقة بين