نام کتاب : تفسير ملاحم المحكمات نویسنده : السند، الشيخ محمد جلد : 1 صفحه : 146
والمخلصين يشير إلى اختلاف مراتب الإدراك في المعرفة الإيمانيّة،
وحيث تبيّن الرواية أنّ الفارق بين المؤمنين والمسلمين، والذي قد بيّنته الآيات
أنّه طورٌ نوعيّ متكامل وراء طور ابتداء الإسلام.
هذا الفارق بينهما هو بعينه الفارق بين مقام المتّقين والمؤمنين كذلك
الفارق بين الموقنين والمتّقين وبين المخلصين والموقنين.
وفي الحقيقة أنّ هذه الدرجات تابعة لدرجات المعرفة والبصيرة،
فالمؤمنون حيث يشوب معرفتهم جانب من الإبهام والإجمال، ومن ثَمّ تكون الحجّيّة
لديهم تعبّديّة، أيعلميّة مشوبة بإبهام وإجمال.
بينما الحجّيّة عند الموقنين حجّيّة علميّة تفصيليّة، وهي فوق
الحجّيّة التعبّديّة، أيلا إبهام فيها ولا إجمال، وإن كان فيها تسليم وانقياد
للحقّ والحقيقة، ومن ثمّ تكون طاعة وتسليم الموقن لإبصاره الحقيقة، ويكون استمساكه
بطريق الصواب أشدّ من عموم المؤمنين.
وممّا يشير إلى هذا المعلَم الثالث في نهج المعرفة قوله تعالى:
(هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَ هُدىً وَ رَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)[1]، فخصّ تعالى حصول المعرفة والهداية ونزول الرحمة التي هي عبارة عن
السعادة بالموقنين.
المعلَم الرابع: الهداية وافتراقها عن عموم العلم
حيث أنّ القرآن رغم إشادته الكثيرة بالمديح للعلم، إلّاأنّه يؤكّد من
جانب آخر على الهداية ويقع الكلام في المائز بين عموم أنواع العلم والعلوم، وبين
حقيقة الهداية.