و هناك طائفة أُخرى تدلّ على عدم حجّية الرأي، فقد روي عن الإمام علي 7 أنّه قال: «إنّ المؤمن أخذ دينه عن ربّه و لم يأخذه عن رأيه». [1]
و روى ابن مسكان، عن حبيب قال: قال لنا أبو عبد اللّه 7: «ما أحد أحبّ إليّ منكم، إنّ الناس سلكوا سبلًا شتّى، منهم من أخذ بهواه، و منهم من أخذ برأيه، و إنّكم أخذتم بأمر له أصل». [2]
يلاحظ عليه: أنّ المراد من الرأي هو الإفتاء بغير دليل قطعي أو سنّة صحيحة بشهادة قول أبي جعفر 7: «من أفتى الناس برأيه فقد دان اللّه بما لا يعلم». [3]
و لذلك يوصف أصحاب القياس بأصحاب الرأي كأبي حنيفة و مدرسته.
روى الدميري عن بعض أصحاب أبي حنيفة أنّه سمع عن أبي حنيفة أنّه يقول: ما جاء عن رسول اللّه فعلى الرأس و العين، و ما جاء عن الصحابة اخترناه، و ما كان غير ذلك فهم رجال و نحن رجال.
و عن أبي حنيفة أنّه قال: علمنا هذا رأي و هو أحسن ما قدرنا عليه، فمن جاء بأحسن منه قبلناه. [4]
و على ذلك يحمل قوله 7: «من قال بالقرآن برأيه فقد أخطأ».
أي: قال فيه قولًا غير مستفاد من كتاب و لا سنّة و لا من دليل يعتمد عليه، بل قال برأيه حسب ما يقتضيه أمره و يذهب إليه وهمه بالظن و التخمين.
[1]. الوسائل: 18، الباب 6 من أبواب صفات القاضي، الحديث 21، 31، 12.
[2]. الوسائل: 18، الباب 6 من أبواب صفات القاضي، الحديث 21، 31، 12.
[3]. الوسائل: 18، الباب 6 من أبواب صفات القاضي، الحديث 21، 31، 12.
[4]. حياة الحيوان: 2/ 103؛ الملل و النحل للشهرستاني: 1/ 338.