روى محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن الإمام الرضا 7، أنّه قال: «ماء البئر واسع لا يفسده شيء، إلّا أن يتغيّر ريحه أو طعمه فيُنزح حتّى يذهب الريح و يطيب طعمه، لأنّ له مادة». [1]
فإنّ قوله: «لأنّ له مادة» بما أنّه تعليل لقوله: «لا يفسده شيء» يكون حجّة في غير ماء البئر أيضاً، فيشمل التعليل بعمومه، ماءَ البئر، و ماء الحمام و العيون و صنبور الخزّان و غيرها، فلا ينجس الماء إذا كان له مادة، فالعمل عندئذ بظاهر السنّة و لا صلة له بتنقيح المناط و تخريجه، فليس هناك أصل و لا فرع و لا انتقال من حكم الأصل إلى الفرع، بل موضوع الحكم هو العلّة و الفروع بأجمعها داخلة تحته.
و في ضوء ما ذكرنا، يكون العمل بالملاك المنصوص، عملًا بظاهر السنّة لا بالقياس، و أمّا المجتهد فعمله تطبيق الضابطة- الّتي أعطاها الشارع- على جميع الموارد دفعة واحدة، فليس هناك أصل و لا فرع و لا انتقال من حكم الأصل إلى الفرع، بل موضوع الحكم هو العلّة و الفروع بأجمعها داخلة تحته، كما أنّه ليس من مقولة تنقيح المناط و تخريجه.
أولوية الحكم في الفرع
إذا كان ثبوت الحكم في الفرع أولى من ثبوته في الأصل؛ لقوة العلّة المفهومة فيه بطريق النص، فهو حجّة على الإطلاق، و هو أيضاً عمل بالنص لا بالقياس، كما أنّه ليس من مقولة تنقيح المناط و تخريجه، و على فرض كونه
[1]. وسائل الشيعة: 1، الباب 14 من أبواب الماء المطلق، الحديث 6.