الطهارة قبل الطواف، و ذلك لأنّ الدليل الثاني جعل الطواف من مصاديق الصلاة ادّعاءً و تشريعاً فيكون الطواف محكوماً بالصلاة من أحكام.
و أمّا الوارد فهو أن يكون أحد الدليلين مزيلًا و رافعاً لموضوع الدليل الآخر، و هذا نظير قول الثقة بالنسبة إلى أصل البراءة العقلية، فإنّ موضوع البراءة هو قبح العقاب بلا بيان، أي بلا بيان من الشارع، فإذا أخبر الشارع بحجّية قول الثقة فيكون قوله في مورد الشك بياناً من الشارع، فيكون رافعاً له.
13. الأقل و الأكثر و الشكّ في المحصّل
إذا تعلّق الحكم الشرعي بمركب ذي أجزاء، و شككنا في قلّة أجزائه و كثرته، كما إذا شككنا في أنّ الجلسة بعد السجدتين واجبة أو مستحبة، فالمرجع هو البراءة عن وجوبها، لأنّ الأجزاء الباقية معلومة الوجوب و هذا الجزء مشكوك وجوبه، فيرجع فيه إلى أصل البراءة، أخذاً بقوله (صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم): «رفع عن أُمّتي ما لا يعلمون» حيث إنّ وجوب هذا الجزء ممّا لا يُعلم.
و هذا ما يعبّر عنه في مصطلح الأُصوليّين من الإمامية «بالأقل و الأكثر الارتباطيين».
و لكنّهم استثنوا صورة أُخرى ربّما تسمّى بالشكّ في المحصّل تارة، و الشكّ في السقوط ثانياً، و مورده ما إذا كان المكلّف به أمراً بسيطاً لا كثرة فيه، و لكن محقَّقه و محصّله في الخارج كان كثيراً ذا أجزاء، فشككنا في جزئية شيء لمحصِّله و عدمه، مثلًا لو قلنا بأنّ الطهور في قوله: «لا صلاة إلّا بطهور» اسم للطهارة النفسانية الحاصلة للنفس الإنسانية لا للغسلات و المسحات، و لكن نشكّ في جزئية شيء كالمضمضة و الاستنشاق و عدمه للمحصِّل، فيحكم هنا بالاشتغال و لزوم ضم