الإنسان، و انّه هل يسوّي بين المفسدين و المتّقين، و المسلمين و المجرمين، كما يتّخذ من الوجدان قاضياً، و يقول: (ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)، و يقول أيضاً: (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ).
و هناك آيات أُخرى تأمر بالمعروف كالعدل و الإحسان، و إيتاء ذي القربى، و تنهى عن الفحشاء و المنكر و البغي على نحو تسلِّم أنّ المخاطب يعرفهما معرفة ذاتية، و لا يحتاج في تعرفهما إلى الشرع، و كأنّ الشرع يؤكد ما يجده الإنسان بفطرته.
ثمّ إنّ الأشاعرة عطَّلوا دور العقل في درك الحسن و القبح، فقالوا: إنّ المرجع في الحسن و القبح هو الشرع، فما حسّنه الشارع فهو حسن، و ما أخبر عن قبحه فهو قبيح، و ليس للعقل المقدرة على تمييز الحسن عن القبيح.
هذا، و قد ذهلوا عن أنّ القول بكون الحسن و القبح شرعيين، و أنّهما لا يثبتان إلّا بالشرع، يستلزم عدم ثبوتهما حتّى بالشرع أيضاً، و ذلك لأنّه إذا كان العقل عاجزاً عن درك محاسن الأفعال و مساوئها و من ثمّ «عن حسن الصدق»