و ما ذكره الرازي موضع تأمّل و إن اشتهر بين المتأخّرين أنّ الإمام الشافعي أوّل من ألّف في علم الأُصول و الّذي طبع باسم «الرسالة» و ذلك:
1. انّ أبا يوسف يعقوب بن إبراهيم (المتوفّى عام 182 ه-) أوّل من ألّف في أُصول الفقه على وفق مذهب أُستاذه أبي حنيفة. [1]
2. انّ محمد بن حسن الشيبانى (المتوفّى عام 189 ه-) هو أحد من ألّف في أُصول الفقه كما صرّح به ابن النديم [2]، فلم يعلم تقدّم الشافعي على العالمين لو لم نقل بتقدمهما عليه.
و على كلّ تقدير فنحن نقدر و نثمن جهود الفقهاء الّتي بذلوها في تنمية أُصول الفقه و إظهاره للوجود ثمّ تطويره و تكامله، و هو من مواهب اللّه سبحانه.
تعريف أُصول الفقه
إنّ البحث السابق رفع الستار عن واقع أُصول الفقه و بالتالي عن تعريفه.
و هو عبارة عن: العلم بالقواعد الّتي يتوصّل بها الفقيه إلى استنباط الأحكام الشرعية من أدلّتها، أو ينتهي إليها المجتهد بعد اليأس من العثور على الأدلّة الشرعية، و هذا كالأُصول العملية من البراءة و الاشتغال و التخيير و الاستصحاب، فالمستنبط يلتجئ إلى تلك الأُصول في مقام بيان الوظيفة عند اليأس من العثور على الدليل التفصيلي.
فالمجتهد تارة يستنبط الحكم الشرعي الواقعي، كما إذا كان في المسألة دليل من الكتاب و السنّة؛ و أُخرى يرشد المكلّف إلى وظيفته الفعلية من العمل بالبراءة