إذا استقلّ العقل بحسن فعل بما هو فعل صادر عن الفاعل المختار أو قبحه، و تجرّد في قضائه عن كلّ شيء (عن أمر الشارع و نهيه و حتّى الآثار الّتي تترتب على الشيء، كقوام النظام الإنساني بالعدل و انهياره بممارسة الظلم) إلّا النظر إلى نفس الفعل، فهل يكون حكم العقل كاشفاً عن حكم الشرع؟ نظير استقلال العقل بقبح العقاب بلا بيان، و حسنه معه، فهل يستكشف منه أنّ حكم الشرع كذلك؟ و الجواب: نعم، و ذلك لأنّ الحكم المزبور من الأحكام البديهيّة للعقل العملي.
فإذا عرض الإنسان العدلَ و الظلم على وجدانه و عقله، يجد في نفسه نزوعاً إلى العدل و تنفرّاً من الظلم، و هكذا كلّ فعل يصدق عليه أحد العنوانين، و هذا من الأحكام العقلية النابعة من صميم العقل و ليس متأثراً بالجوانب اللاشعورية أو الغرائز الحيوانية أو العواطف الإنسانية، أو الآثار البنّاءة أو الهدامة لهما، يقول العلّامة الحلّي:
«إنّا نعلم بالضرورة حسن بعض الأشياء و قبح بعضها من غير نظر إلى