بعد أن كتبت هذه الرسالة وقفت على كلام رسالتين تحت عنوان «حجّية خبر الآحاد في العقائد و الأحكام» [1] للدكتورين محمد بن جميل مبارك و عامر بن حسن صبري حيث ناقشا المسألة و خرجا بنتيجة واحدة، و هي: «خبر الواحد يفيد العلم النظري». و استشهدا على ذلك بأقوال العلماء.
و ألفت نظر الدكتورين إلى أُمور:
1. هل يصحّ الاستدلال في المقام بأقوال السابقين مع انّ الموضوع ليس غائباً عنهما إذ في وسعهما نأن يختبرا الأمر بنفسهما، و أنّه هل يفيد خبر الواحد العلم أو لا من دون حاجة إلى الاستدلال يقول ذاك المحدّث أو ذاك الفقيه.
و هذا أشبه بالاستدلال على طيب رائحة القرنفل بقول العطار و بائع الورد، مع انّ كلّ إنسان ذي شامة صحيحة، يمكن أن يختبر الموضوع.
2. كيف يمكن أن يفيد خبر الواحد العلم النظري مع أنّ الرواة ليسوا بمعصومين من الخطأ و النسيان بل و كلما طال السند و تعددت الوسائط يزداد احتمال الخطأ و الاشتباه، و معه كيف يحصل العلم.
3. ما ذا يريد من العلم النظري: فهو يريد العلم المنطقي و هو الاعتقاد الحازم المطابق للواقع، فأين هو من خبر الواحد.
و ان علم الاطمئنان فليس هذا علماً مطلوباً في العقائد فانّ المطلوب فيها، هو الاعتقاد الحازم الذي لا يحتمل فيه الخلاف.
رحم اللّه امرأً قدره و لم يتجاوز طوره.
[1]. طبعت هاتان الرسالتان مع رسائل أُخرى في ندوة «عناية المملكة العربية السعودية بالسنة و السيرة النبوية» الّتي أُقيمت في المدينة المنوّرة عام 1425 ه-.