نام کتاب : الرسائل الأربع( قواعد أصولية وفقهية) - تقريرات نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 41
و باختصار: أنّ فعله سبحانه- مع كون قدرته عامة- ليس فوضوياً و متحرّراً عن كل قيد و شرط، و ليس التحديد مفروضاً عليه سبحانه من ناحية العقل، و إنّما هو واقعية و حقيقة كشف عنه العقل، كما كشف عن القوانين السائدة على الطبيعة و الكون. فتصور أنّ فعله سبحانه متحرّر عن كلّ قيد و حدّ، لغاية حفظ شأن اللّه سبحانه، وسعة قدرته أشبه بالمغالطة، فإنّ حفظ شأنه سبحانه غير فرض تجرّد فعله عن كلّ قيد و شرط.
و بالتأمّل فيما ذكرنا يظهر ضعف سائر ما استدل به القائلون بنفي التحسين و التقبيح العقليين. و لا بأس بالإشارة إلى بعض أدلّتهم التي أقامها المتأخّرون عن أبي الحسن الأشعري من أتباع مذهبه و دعاة طريقه.
الدليل الثاني: لو كان التحسين و التقبيح ضرورياً لما وقع الاختلاف:
قالوا: لو كان العلم بحسن الإحسان و قبح العدوان ضرورياً لما وقع التفاوت بينه و بين العلم بأنّ الواحد نصف الاثنين، لكن التالي باطل بالوجدان.
و أجاب عنه المحقّق الطوسي بقوله: «و يجوز التفاوت في العلوم لتفاوت التصوّر». ( [1])
توضيحه: أنّه قد تتفاوت العلوم الضرورية بسبب التفاوت في تصوّر أطرافها. و قد قرّر في صناعة المنطق أنّ للبديهيات مراتب: فالأوّليات أبده من المشاهدات بمراتب. و الثانية أبده من التجربيات، و الثالثة أبده من الحدسيات، و الرابعة أبده من المتواترات، و الخامسة أبده من الفطريات. و الضابطة في ذلك أنّ ما لا يتوقف التصديق به على واسطة سوى تصور الطرفين فهو أبده من غيره، و ذلك مثل الأوّليات، و هكذا.