إنّ
الامام الهادي ببيانه هذا شقّ طريقاً خاصّاً لاستنباط الاحكام من الذكر الحكيم،
طريقاً لم يكن يحلم به فقهاء عصره، و كانوا يزعمون أنّ مصادر الاحكام الشرعية هي
الآيات الواضحة في مجال الفقه التي لا تتجاوز ثلاثمائة آية، و بذلك أبان للقرآن
وجهاً خاصّاً لدلالته، لا يلتفت إليه إلّا من نزل القرآن في بيته، و ليس هذا
الحديث غريباً في مورده، بل له نظائر في كلمات الامام و غيره من آبائه و أبنائه-
عليهم السلام-.
2
لمّا سمّ المتوكّل نذر للّه: إن رزقه اللّه العافية أن يتصدّق بمال كثير، أو
بدراهم كثيرة. فلمّا عوفي اختلف الفقهاء في مفهوم «المال الكثير» فلم يجد المتوكّل
عندهم فرجاً، فبعث إلى الامام عليّ الهادي فسأله؟ قال: يتصدق بثلاثة و ثمانين
ديناراً، فقال المتوكل: من أين لك هذا؟ فقال: من قوله تعالى:"
لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ ..."[3].
و
المواطن الكثيرة: هي هذه الجملة، و ذلك لَانّ النبيّ «صلى الله عليه و آله و سلم»
غزا سبعاً و عشرين غزوة، و بعث خمساً و خمسين سرية، و آخر غزواته يوم حنين، و عجب
المتوكل و الفقهاء من هذا الجواب[4].