اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً» [1] و قوله: «وَ اسْتَغْفِرُوا رَبَّکُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَیْهِ إِنَّ رَبِّی رَحِیمٌ وَدُودٌ» [2]. إلی غیر ذلک من الآیات التی تکشف عن أنّ توبة العبد تجلب المغفرة بلا واسطة أحد و قد تصل بتوسیط واسطة هی من أعز عباده و أفضل خلیقته و بریته. و تتضح هذه الحقیقة إذا وقفنا علی أنّ الدعاء بقول مطلق- و بخاصة دعاء الصالحین- من المؤثرات الواقعة فی سلسلة نظام العلة و المعلول، و لا تنحصر العلة فی العلل الواقعة فی إطار الحس فإنّ فی الکون مؤثرات خارجة عن إحساسنا و حواسنا، بل قد تکون بعیدة حتی عن تفکیرنا، یقول سبحانه: «وَ النَّازِعاتِ غَرْقاً* وَ النَّاشِطاتِ نَشْطاً* وَ السَّابِحاتِ سَبْحاً* فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً* فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً» [3]. فما المراد من هذه «فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً» أ هی مختصة بالمدبّرات الطبیعیة المادیة، أو المراد هو الأعم منها؟ فقد روی عن علی علیه السلام تفسیرها بالملائکة الأقویاء الذین عهد اللَّه إلیهم تدبیر الکون و الحیاة بإذنه سبحانه، فکما أنّ هذه المدبّرات یجب الإیمان بها و إن لم تعلم کیفیة تدبیرها و حقیقة تأثیرها، فکذلک الدعاء یجب الإیمان بتأثیره فی جلب المغفرة، و دفع العذاب و إن لم تعلم کیفیة تأثیره.