نام کتاب : الوهّابيّة في الميزان نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 291
و قد ذكرنا أكثر من مرَّة أنّ المقياس ـ في الأفعال الإلهيَّة ـ هو الاستقلال في الفعل، و عدم الاعتماد على أيَّة قدرة أُخرى، و الفعل البشري هو عكس ذلك.
إنّ الإنسان يعتمد على اللّه و يستعين بقدرته في كلّ عمل ـ سواء كان مادّياً أو خارجاً عن حدود المادَّة ـ و الكثيرون يحصلون على قدرات اكتسابية و يستغلّونها للوصول إلى أهدافهم المنشودة، فهل أنّ طلب الفعل من هؤلاء شرك باللّه؟!
إنّ نقطة الانحراف عن التوحيد تكمن في الاعتقاد المقرون بالطلب، فإذا كان طالب الحاجة ـ من أحد أولياء اللّه ـ يعتقد باستقلال ذلك الولىّ فقد اعتبره مستغنياً بالذات، و معنى ذلك أنّه اعتبره مُستغنياً عن اللّه، وهذا هو الشرك، لأنّه لا مستغنىَ بالذات سوى اللّه الواحد الأحد سبحانه، و قد كان كثير من المشركين ـ في العهد الجاهلي و عند طلوع الإسلام ـ يعتقدون هذا الاعتقاد بالنسبة إلى الملائكة و النجوم و أنّ اللّه خلقها و فوَّض إليها إدارة الكون و تدبيره، تفويضاً مستقلاّ تماماً[1] أو ـ على الأقل ـ أنّها تملك الشفاعة و المغفرة، و تتصرَّف كما تشاء حيث تشاء.
المعتزلة و الشِّرك
أمّا فرقة المعتزلة[2] فهي تعتبر الإنسان ـ من حيث الوجود مخلوقاً للّه تعالى، و لكنّها ـ في الوقت نفسه ـ تعتبره مُستقلاّ من حيث التأثير في الأشياء و إنجاز
[1] و لذلك عند ما سَأل عمرو بن لحي أهل الشام عن علَّة عبادتهم للأصنام؟ قالوا ـ في جوابه ـ : إننا نطلب المطر من هذا الأصنام فتسقينا، و نستعين بها فتُعيننا، و بهذا الاعتقاد اصطحب عمرو معه «هُبَل» و جاء به إلى مكّة. راجع سيرة ابن هشام: 1 / 77. [2] كما أنّ مذاهب السُّنَّة تنقسم ـ في فروع الأحكام ـ إلى المذاهب الأربعة كذلك تنقسم في الأُصول و المعارف إلى قسمين: الأشاعرة و المعتزلة.
نام کتاب : الوهّابيّة في الميزان نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 291