الأوّل: أنّه يستحق الثواب بإيمانه، لقوله تعالى: (فَمنْ يعملْ مثقالَ ذرَّة خيراً يَره)[1] والإيمان أعظم أفعال الخير فإذا استحق العقاب بالمعصية فإمّا أن يقدم الثواب على العقاب وهو باطل بالإجماع لأنّ الثواب المستحق بالإيمان دائم على ما تقدم، أو بالعكس وهو المراد والجمع محال.
الثاني: يلزم أن يكون من عبد اللّه تعالى مدة عمره بأنواع القربات إليه ثم عصى في آخر عمره معصية واحدة مع بقاء إيمانه مخلّداً في النار كمن أشرك باللّه تعالى مدة عمره وذلك محال لقبحه عند العقلاء.
قال: والسمعياتُ متأولةٌ، ودوامُ العقاب مختصٌّ بالكافر.
أقول: هذا إشارة إلى الجواب عن حجج الوعيدية، واحتجـوا بالنقل والعقل:
أمّا النقل: فالآيات الدالة على خلودهم، كقوله تعالى: (وَمَنْ يَعصِ اللّهَ ورسولَهُ ويَتعدَّ حُدودَهُ يُدخلْهُ ناراً خالِداً فيها)[2] وقوله تعالى: (ومَنْ يَقتُلْ مُؤمناً مُتعمِّداً فَجزاؤُهُ جَهنَّمُ خالِداً فِيها)[3] إلى غير ذلك من الآيات.
وأمّا العقل: فما تقدم من أن العقاب والثواب يجب دوامهما.
والجواب عن السمع التأويل إمّا بمنع العموم والتخصيص بالكفّار وإمّا بتأويل الخلود بالبقاء المتطاول وإن لم يكن دائماً، وعن العقل بأن دوام العقاب إنّما هو في حق الكافر أمّا غيره فلا.