من دير، فوجدوا صخرة عظيمة عجزوا عن قلعها، فنزل ـ عليه السَّلام ـ فاقتلعها ودحا بها مسافة بعيدة فظهر الماء فشربوا ثم أعادها، فنزل صاحب الدير وأسلم، فسئل عن ذلك فقال: بني هذا الدير على قالع هذه الصخرة ومضى من قبلي ولم يدركوه، واستشهد معه ـ عليه السَّلام ـ في الشام.
وحارب الجنّ وقتل منهم جماعة كثيرة لما أرادوا وقوع الضرر بالنبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ حيث سار إلى بني المصطلق، وردّت له الشمس مرتين [1]، وغير ذلك من الوقائع المشهورة الدالة على صدق فاعلها.
وأمّا المقدمة الثانية فظاهرة منقولة بالتواتر، إذ لا يشك أحد في أنّه ـ عليه السَّلام ـ ادّعى الإمامة بعد رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ .
قال: ولسبق كفر غيره فلا يصلح للإمامة [2] فتعيَّن هو ـ عليه السَّلام ـ .
أقول: هذا دليل آخر على إمامة علي ـ عليه السَّلام ـ ، وهو أنّ غيره ممن ادعي لهم الإمامة كالعباس وأبي بكر كانا كافرين قبل ظهور النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ فلا يصلحان للإمامة لقوله تعالى: (لاينالُ عَهدِي الظّالِمينَ)[3].
والمراد بالعهد هنا عهد الإمامة لأنّه جواب دعاء إبراهيم ـ عليه السَّلام ـ .
[1] الإرشاد للمفيد: 181ـ 183، الصواعق المحرقة: 128، تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي: 2/283 ـ 306، المناقب للخوارزمي: 306، ينابيع المودة للقندوزي: 138 ـ 139، وقعة صفين: 151 ـ 152، الطبعة الأولى بالقاهرة.
[2] العمدة لابن البطريق: 222، 416، صحيح البخاري: 6/143 ـ 144، ط مطابع الشعب ـ بيروت 1378، الشافي في الإمامة: 3/137ـ 142، الغدير: 7/306 ـ 329.
[3] البقرة: 124.