responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نظرية المعرفة (المدخل إلى العلم والفلسفة والالهيات) نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 1  صفحه : 287

الدليل الخامس ـ إدراكُ الكلِّي غيرُ ماديٍّ

إنّ المفاهيم العامة الكلية الّتي لا تأبى الصدق على كثيرين، كمفاهيم الإنسان والشجرة والحجر، الّتي يعبر عنها في الفلسفة بـ «المفاهيم المُرْسَلَة»، يمتنع أن تكون مادية. وذلك أنّ الموجود المادي، موجود شخصيٌّ، مقيّد بقيود الزمان والمكان. والمقيّد بها يستحيل أن يطّرد صدقه على مصاديق كثيرة، مع أنّ المفاهيم الذهنية نقيض ذلك، فإنّها تصدق على مصاديق وجدت في الأزمان الغابرة وتوجد في المستقبلية وموجودة في الحال.

واعترافنا بأنّ الكلي له صلة بأفراده ومصاديقه نتيجة انطباقه عليها، لا يصدُّنا عن القول بأنّ وجوده غير مشوب بالمادة وآثارها. يرشدنا إلى ذلك أنّ جواز صدق الكلي على كثيرين ـ الّذي هو من خصائصه ـ ممّا لا يعقل تحققه في المادة، لأنّ المادة والمادي متعينان بالزمان والمكان، والتعيّن بهما أو أحدهما لا يجتمع مع الكليّة، إذ الكلي يصدق على مصاديق مختلفة حتّى من حيث الزمان والمكان.

وعلى ذلك يصحّ لنا أن نقول: إنّ المفهوم الكلي ـ كالإنسان ـ الموجود في العقل، عار عن شوائب المادية. فهو ـ بما أنّه يصدق على كثيرين ـ مُرْسَلٌ من كل قيد، ومُطْلَق من حيث الزمان والمكان. ولا شيء من الماديات يمتّ إلى المطلق والمرسل بصلة.

وهذا يهدينا إلى القول بتجرّد الفكر من المادّة وشؤونها .[1]

الدليل السادس ـ ثبات الفكر وعدم تغيّره

التغيّر وعدم الثبات يُعَدان من أظهر خواص المادة، فلا ثبات ولا بقاء ولا استقرار لها. فالمادة والتغيّر متلازمان، وقد أثبت ذلك الفلاسفة الإسلاميون عند بحثهم عن القوة والفعل، والحركة والزمان. كما أيدته العلوم الحديثة. هذا من جانب.


[1] وقد بسط الفخر الرازي الكلام في هذا الدليل في كتابه «المباحث المشرقية»: 2 / 345 و 364 ـ 366، والأخير الصق بالبحث. فمن أراد فليرجع إليه .

نام کتاب : نظرية المعرفة (المدخل إلى العلم والفلسفة والالهيات) نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 1  صفحه : 287
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست