responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نظرية المعرفة (المدخل إلى العلم والفلسفة والالهيات) نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 1  صفحه : 126

اللاشعور، فأقصى موضوعية يمكن أن تضفى عليها هي أنّها معبّرة عن تلك الدوافع اللاشعورية. وأمّا أنّها تعبّر عمّا وراءها من الواقعيات الخارجية، فلا، لأنّ المفروض أنّ كل العناصر الشعورية تعتمد على هذه العناصر الخفية الّتي لا نشعر بها، وليست أعمالنا وآراؤنا ـ بزعمهم ـ إلاّ انعكاساً محرّفاً عنها، فهي الّتي تحدد محتويات الشعور، وبالتالي تتحكم في كل أفكار الإنسان وسلوكه.

وعلى هذا الأساس، فالفكر والبرهنة والاستدلال، أدوات طيّعة للغرائز الجنسية والشهوات الجامحة، وليست جهود الفلاسفة وأتعاب العلماء، إلاّ إظهاراً لتلك الغرائز، وتسامياً بها إلى منطقة الشعور الّتي تشكّل الطابق العلوي من شخصية الإنسان، كما أنّ العناصر اللاشعورية تشكل الطابق الأرضي الأساسي الّذي يقوم عليه ما فوقه .

فالإنسان الساذج لا يرى من الإنسان إلاّ القسم العلوي من العقل، ويظن أنّه نفس شخصيته وتمامها، ولكنه غافل عن الطابق الأرضي، والقسم الأساسي الحامل لما فوقه، والمهيمن عليه والمدير لدفته. وهذا تماماً كمن يَدْخُل معملاً كبيراً فيرى هناك أجهزة وآلات فعّالة، فيتخيل أنّها تمام المعمل، ولكن عندما يشار إليه بالتوجّه إلى قسم القيادة المختفي عن الأنظار، يلتفت إلى أنّ كل ما شاهده من حركة وفعّاليّة في القسم الظاهر فإنّما هو أداة طيّعه بيد غرفة القيادة، وكل ما في المصنع ـ في الحقيقة ـ هو ما في القيادة المسيطرة على جميع الآلات; «وكل الصّيد في جوف الفراء».

فإذا كانت آراؤنا وأفكارنا وتصرفاتنا، كالقسم الظاهري من المعامل، فهي حينئذ مدارة بالغرائز، ومتحركة عن الشهوات، الّتي هي كغرفة القيادة في المعمل، وليست تعبيراً عن الحقيقة والواقع. بل ربما كانت الحقيقة على خلاف تلك الرغبات والشهوات اللاشعورية المتحكمة بعقلنا. وليس هناك أي ضمان للتوافق بين قوانا العقلية اللاشعورية، والحقيقة الواقعية. ونتيجة ذلك إنكار الواقع الموضوعي أو على الأقل الشك في الحقائق والواقعيات.

فهذه النظرية النفسية الّتي شغلت بال الكثيرين من علماء النفس والاجتماع ساقطة من جهتين كما عرفت، فهي من جانب معاول هدّامة للمثل الإنسانية

نام کتاب : نظرية المعرفة (المدخل إلى العلم والفلسفة والالهيات) نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 1  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست