responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نظرية المعرفة (المدخل إلى العلم والفلسفة والالهيات) نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 1  صفحه : 113

هو رموز قيّمة عن الخارج، ووسائل لتأميل الحياة. وأمّا كونه معرّفاً للواقع على ما هو عليه، وكاشفاً عنه، فلا، لما عرفت من دور الجهاز الحسيّ في كل فرد في عملية اكتساب الصور من الخارج.

وكما أنّ للحسِّ دوراً خاصّاً في نقل الصور عن الخارج، فهكذا للجهاز العقلي الفكري دور خاص في اكتساب المعقولات من مقدماتها. فكل ما يكتسبه العقل عن طريق البرهنة والاستدلال، فإنّما هو معتبر بالنسبة إلى الجهاز الذهني الّذي أدركه، بمعنى أنّ مقتضى تحليل المقدمات الموصلة إلى النتيجة في ظلّ كيفية صنع ذلك الجهاز، وكيفية عمله، والظروف المحيطة به حين البرهنة والاستدلال، هو تلك النتيجة. وأمّا أنَّ تلك النتيجة هي نفس الموضوعية الواقعية، حتّى تكون حجة على من لا يماثل جهازه الفكري جهازنا، أو تُغايِرُ ظروفُه ظروفَنا، فلا.

وعلى هذا، تصبح العلومُ الإنسانية، مفردُها ومركَّبُها، تصوُّرُها وتصديقُها، معرفةً نسبية، تحكي عن الواقع حكايةً ما، لا حكاية مطلقة. ولذا لو طرأ تغيُّر ما في الجهاز أو الظروف الحاكمة عليه، لانعكست الحقيقة على تلك المدارك، بغير ما كانت عليه .

هذه هي حقيقة النسبية الفلسفية، وأصحابها وإنْ كانوا يحملون شعار الحقيقة، ولكنه مجرّد شعار لا حقيقة وراءه، وما هو إلاّ صورة أخرى عن مذهب الشك، تستسيغها أذهان أبناء العصر.

فأنصار الشك الحديث يُسدلون شعار الحقيقة والمعرفة الجزمية، غطاءً على الشك المغمور تحت هذا الشعار، بينما أنصار الشك القديم يتجاهرون بما يتبنونه بلا ستر وغطاء.

وعلى ذلك، فإنّا نسأل هؤلاء، الذين يَعُدّون أنفسهم من الواقعيين وأصحاب الجزم واليقين: إذا لم تكن الصُّوَر الذهنية، والقضايا البرهانية، حاكيةً عن الواقع، بل رموز عنه، فمن أين نعلم بصحة القواعد العلمية الطبيعية والفيزيائية والرياضية؟، وما ذكرتموه لا يؤدّي إلاّ إلى إنكار العلم بالخارج، والانسلاك في عداد السوفسطائيين.

نام کتاب : نظرية المعرفة (المدخل إلى العلم والفلسفة والالهيات) نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 1  صفحه : 113
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست