قد تفضّل رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فضحّى عن أُمّته أَحياءً وأَمواتاً وضحّى
الصحابة والتابعون عن نبيهم ، فقد أخرج ابن ماجة وعبد الرزاق وغيرهما عن عائشة وأبي هريرة : أن النبيـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كان إذا أراد أن يُضحِّي اشترى كبشين عظيمين سمينين أقرنين . . . فذبح أحدهما عن محمّد وآل محمّد والآخر عن أُمّته من شهد لله بالتوحيد وله بالبلاغ .
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي : أنّ النبي ذبح بيده وقال : «اللّهمّ هذا عنّي وعمّن لم يُضحِّ من أُمّتي» وصريح ذلك وصول الثواب إليهم وانتفاعهم .
روى أبو داود بسنده في باب الأضحية عن الميت ، عن علي بن أبي طالب : إنّه كان يضحي عن النبي بكبش وكان يقول : «أوصاني أن أُضحي عنه فأنا أُضحي عنه»[1] .
ما يترتّب على هذا الأصل :
ويترتب على هذا الأصل صحة عمل المسلمين; حيث يقومون بأعمال حسنة صالحة ، وربما أهدوا ثوابها إلى أحبائهم وأعزّتهم الموتى ، وهو أمر يوافق عليه الكتاب والسنّة ، بل صرّحا به تصريحاً .
فما يقوم به المسلمون لموتاهم من إهداء ثواب الأعمال الصالحة لهم ، أو ما يفعلونه عند قبور الأنبياء والأولياء من إطعام الطعام ، وتسبيل الماء بنيّة أن يصل ثوابُها إليهم إنّما يقتدون فيها بسعد بن عبادة الذي سأل النبي عن حكم الصدقة عن أُمِّه أينفعها؟ فقالـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : «نعم» ، فقال : فأيّ الصدقة أفضل؟ قال : «الماء» ، فحفر بئراً ، وقال : هذه لأُمّ سعد .
فهم في هذا سعديون لا وثنيون ، لا يريدون عبادة الموتى ، بل يريدون إيصال الثواب إليهم كما فعل سعد .
[1] سنن أبي داود ج 2 ص 94 رقم الحديث 2790 ، كتاب الضحايا .