قوله سبحانه : ( قالُوا رَبّنا أمَتَّنَا اثنَتينِ وأحْيَيتنا اثنتَينِ فَاعترَفنا بِذُنوبِنا فَهلْ إلى خروج مِنْ سَبيل )[1] الآية تدلّ بوضوح على أنّه مرّت على الإنسان المحشور يوم القيامة ، إماتتان وإحياءان .
فالإماتة الأُولى : هي الإماتة الناقلة للإنسان من الدنيا .
والإحياء الأوّل : هو الإحياء بعد الانتقال منها .
والإماتة الثانية : قُبيل القيامة عند نفخ الصور الأوّل .
والإحياء الثاني : عند نفخ الصور الثاني .
قال سبحانه : ( ونُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ في السَّموات وَمنْ في الأرضِ إلاّ
مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فيهِ أُخرى فإذا هُمْ قِيامٌ يَنظُرُون )[2].
وعلى ما ذكرنا فكل من الإحياءَين لا صلة له بالدنيا ، بل يتحقّقان بعد الانتقال من الدنيا ، أحدهما في البرزخ بعد الإماتة في الدنيا ، والآخر يوم البعث بعد الإماتة بنفخ الصور الأوّل .
وعندئذ تتضح دلالة الآية على الحياة البرزخية بوضوح .
نعم لم يتعرض القائلون بالحياة الدنيوية ولم يقولوا (وأحييتَنا ثلاثاً )وإن كانت إحياء لكونها واقعة بعد الموت الذي هو حال عدم ولوج الروح ، ولعلّ الوجه هو أنّ الغرض تعلّق بذكر الإحياء الذي يعدّ سبباً للإيقان بالمعاد ومورِّثاً للإيمان وهو الإحياء في البرزخ ثم يوم القيامة ، وأمّا الحياة الدنيوية ، فإنّها وإن كانت إحياء بلا