responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح العقليين نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 1  صفحه : 192

وهذه النظرية ممّا يأسف لها العقل السليم، كيف وقد هبط الاِنسان من مقامه السامي وصار حيواناً يتنازع في البقاء ويسعى لمحو الضعيف إبقاءً لنفسه، فإذا كان الحيوان الكامل هو الباطش الفاتك فالاِنسان الكامل أيضاً هو القوي الذي لا يرحم الضعيف ويحاول محوه وإفناءه.

أفيرضى إنسان ذومسكة بهذه النظرية، فلو كان الاِنسان الكامل هو الاِنسان القوي الذي يجعل الدنيا كلقمة سائغة لنفسه، فلازم ذلك إلغاء الاَُصول التربوية وإبطال القوانين الحقوقية ومجالس التشريع مادام الحقّ يدور مدار القوة والبطش والحكم لمن غلب.

نعم إنّ القوة إحدى القيم التي يجب على الاِنسان السعي وراءها ليخرجه من ظل الضعف إلى عزّ القوة. يقول سبحانه: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رباطِالْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بهِ عَدُوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ) [1]ولكنّها إحدى القيم لا القيمة المنحصرة والخلق المثالي.

فذلك الفيلسوف نظر إلى شجرة الاَخلاق التي لها أغصان كثيرة وأخذ بغصن واحد وقطع سائر الاَغصان فصار الكمال عنده منحصراً في القوة.

بقيت نكتة جديرة بالاِشارة وهي أنّ القوة وإن كانت من القيم لكنّها لا تعادل البطش وإجحاف الحقوق والاستئثار بالدنيا، وإنّما يراد منها القوة لاِجراء العدل وإقامة القسط وحفظ الحقوق وصيانة كرامة الاِنسان من الذلّ، فالحاكم القوي رصيد للعدالة يأخذ من الاَقوياء حقوق الضعفاء ويبسط نفوذه على الظالمين ويحيي القيم الاَخلاقية بقوته ومنطقه وسيفه وسنانه.

فالقوة الممدوحة التي هي من القيم ما يكون ملجأ للاِنسانية ومحيياً للحقوق وسدّاً منيعاً أمام الظلم والظالمين.


[1]الاَنفال:60.
نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح العقليين نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 1  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست