قَبْلَ اسْتِعَارِ نَارِ الْفَجَرَةِ وَ اجْتِمَاعِ رَأْيِهِمْ عَلَى الصُّدُودِ وَ الْفُرْقَةِ وَ ادْعُهُمْ إِلَى رُشْدِهِمْ وَ حَظِّهِمْ فَإِنْ قَبِلُوا سُعِدُوا وَ إِنْ أَبَوْا إِلَّا حَرْبَنَا فَوَ اللَّهِ إِنَّ سَفْكَ دِمَائِهِمْ وَ الْجِدَّ فِي جِهَادِهِمْ لَقُرْبَةٌ عِنْدَ اللَّهِ وَ هُوَ كَرَامَةٌ مِنْهُ.
وَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ قَامَ قَيْسُ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ انْكَمِشْ بِنَا إِلَى عَدُوِّنَا وَ لَا تُعَرِّدْ[1] فَوَ اللَّهِ لَجِهَادُهُمْ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ جِهَادِ التُّرْكِ وَ الرُّومِ لِادِّهَانِهِمْ فِي دِينِ اللَّهِ[2] وَ اسْتِذْلَالِهِمْ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ص مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ وَ التَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ إِذَا غَضِبُوا عَلَى رَجُلٍ حَبَسُوهُ أَوْ ضَرَبُوهُ أَوْ حَرَمُوهُ أَوْ سَيَّرُوهُ[3] وَ فَيْئُنَا لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ حَلَالٌ وَ نَحْنُ لَهُمْ فِيمَا يَزْعُمُونَ قَطِينٌ[4] قَالَ يَعْنِي رَقِيقٌ.
فَقَالَ أَشْيَاخُ الْأَنْصَارِ مِنْهُمْ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ وَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ وَ غَيْرُهُمَا لِمَ تَقَدَّمْتَ أَشْيَاخَ قَوْمِكَ وَ بَدَأْتَهُمْ يَا قَيْسُ بِالْكَلَامِ فَقَالَ أَمَا إِنِّي عَارِفٌ بِفَضْلِكُمْ مُعَظِّمٌ لِشَأْنِكُمْ وَ لَكِنِّي وَجَدْتُ فِي نَفْسِي الضِّغْنَ الَّذِي جَاشَ فِي صُدُورِكُمْ حِينَ ذَكَرْتُ الْأَحْزَابَ.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لَيَقُمْ رَجُلٌ مِنْكُمْ فَلْيُجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ جَمَاعَتِكُمْ فَقَالُوا قُمْ يَا سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ فَقَامَ سَهْلٌ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَحْنُ سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمْتَ وَ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبْتَ وَ رَأْيُنَا رَأْيُكَ وَ نَحْنُ كَفُّ يَمِينِكَ وَ قَدْ رَأَيْنَا أَنْ تَقُومَ بِهَذَا الْأَمْرِ فِي أَهْلِ الْكُوفَةِ فَتَأْمُرَهُمْ بِالشُّخُوصِ وَ تُخْبِرَهُمْ بِمَا صَنَعَ اللَّهُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ الْفَضْلِ فَإِنَّهُمْ هُمْ أَهْلُ الْبَلَدِ
[1] الانكماش: الإسراع و الجسد. و التعريد: الفرار و الإحجام و الانهزام. ح:
« و لا تعرج».
[2] الإدهان: الغش و المصانعة. و في التنزيل العزيز: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ
[3] في اللسان:« سيره من بلده: أخرجه و أجلاه».
[4] القطين: الخدم و الأتباع و الحشم و المماليك.