فَضَاقَ مُعَاوِيَةُ صَدْراً بِمَا أَتَاهُ وَ نَدِمَ عَلَى خِذْلَانِهِ عُثْمَانَ[1].
وَ قَالَ مُعَاوِيَةُ حِينَ أَتَاهُ قَتْلُ عُثْمَانَ-
أَتَانِي أَمْرٌ فِيهِ لِلنَّفْسِ غُمَّةٌ
وَ فِيهِ بُكَاءٌ لِلْعُيُونِ طَوِيلٌ
وَ فِيهِ فَنَاءٌ شَامِلٌ وَ خِزَايَةٌ
وَ فِيهِ اجْتِدَاعٌ لِلْأُنُوفِ أَصِيلٌ
مُصَابُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ هَدَّةٌ
تَكَادُ لَهَا صُمٌ الْجِبَالِ تَزُولُ[2]
فَلِلَّهِ عَيْنَا مَنْ رَأَى مِثْلَ هَالِكٍ
أُصِيبَ بِلَا ذَنْبٍ وَ ذَاكَ جَلِيلٌ
تَدَاعَتْ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ عُصْبَةٌ
فَرِيقَانِ مِنْهَا قَاتَلٌ وَ خَذُولٌ[3]
دَعَاهُمْ فَصَمُّوا عَنْهُ عِنْدَ جَوَابِهِ
وَ ذَاكُمْ عَلَى مَا فِي النُّفُوسِ دَلِيلٌ[4]
نَدِمْتُ عَلَى مَا كَانَ مِنْ تَبَعِي الْهَوَى
وَ قَصْرِيَ فِيهِ حَسْرَةٌ وَ عَوِيلٌ[5]
سَأَنْعَى أَبَا عَمْرٍو بِكُلِّ مُثَقَّفٍ
وَ بَيْضَ لَهَا فِي الدَّارِعِينَ صَلِيلٌ[6]
تَرَكْتُكَ لِلْقَوْمِ الَّذِينَ هُمُ هُمُ
شَجَاكَ فَمَا ذَا بَعْدَ ذَاكَ أَقُولُ
فَلَسْتُ مُقِيماً مَا حَيِيتُ بِبَلْدَةٍ
أَجُرُّ بِهَا ذَيْلِي وَ أَنْتَ قَتِيلٌ
[1] في الأصل: «و هذه»، صوابها من ح.
[2] ح: «على خذلان عثمان».
[3] ح: «منهم قاتل».
[4] أي عند طلبه الجواب. و في ح: «عند دعائه».
[5] يقال: قصرك أن تفعل كذا، أي حسبك و كفايتك و غايتك، كما تقول: قصارك و قصاراك. الأولى بفتح القاف و الأخريان بضمها.
[6] أبو عمرو: كنية عثمان بن عفان. و في رثائه تقول زوجه نائلة بنت الفرافصة:
و ما لي لا أبكى و تبكى قرابتى
و قد غيبوا عنا فضول أبى عمرو
ح: «سأبغى» أي سأطلب ثاره. و البيض، بالكسر: السيوف، جمع أبيض.
و الدارع: لابس الدرع.