فَأَسْرِعْ بِهَا أَوْ أَبْطِ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ
وَ لَا تَعْدُ فَالْأَمْرُ الَّذِي حُمَّ وَاقِعُ[1].
.
[مصانعة عمرو لأبي موسى]
عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُ[2] أَنَّ عَمْراً وَ أَبَا مُوسَى حَيْثُ الْتَقَيَا بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ أَخَذَ عَمْرٌو يُقَدِّمُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ فِي الْكَلَامِ وَ يَقُولُ: إِنَّكَ قَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ ص قَبْلِي وَ أَنْتَ أَكْبَرُ مِنِّي فَتَكَلَّمْ ثُمَّ أَتَكَلَّمُ[3] وَ كَانَ عَمْرٌو قَدْ عَوَّدَ أَبَا مُوسَى أَنْ يُقَدِّمَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ[4] وَ إِنَّمَا اغْتَرَّهُ بِذَلِكَ لِيُقَدِّمَهُ[5] فَيَبْدَأَ بِخَلْعِ عَلِيٍّ قَالَ: فَنَظَرَا فِي أَمْرِهِمَا وَ مَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ فَأَرَادَهُ عَمْرٌو عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَبَى وَ أَرَادَهُ عَلَى ابْنِهِ فَأَبَى وَ أَرَادَهُ أَبُو مُوسَى عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَأَبَى عَلَيْهِ عَمْرٌو قَالَ: فَأَخْبِرْنِي مَا رَأْيُكَ يَا أَبَا مُوسَى؟ قَالَ: رَأْيِي أَنْ أَخْلَعَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ عَلِيّاً وَ مُعَاوِيَةَ ثُمَّ نَجْعَلَ هَذَا الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ يَخْتَارُونَ لِأَنْفُسِهِمْ مَنْ شَاءُوا وَ مَنْ أَحَبُّوا فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: الرَّأْيُ مَا رَأَيْتَ وَ قَالَ عَمْرٌو: يَا أَبَا مُوسَى إِنَّهُ لَيْسَ أَهْلُ الْعِرَاقِ بِأَوْثَقَ بِكَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ لِغَضَبِكَ لِعُثْمَانَ وَ بُغْضِكَ لِلْفُرْقَةِ وَ قَدْ عَرَفْتَ حَالَ مُعَاوِيَةَ فِي قُرَيْشٍ وَ شَرَفَهُ فِي عَبْدِ مَنَافٍ وَ هُوَ ابْنُ هِنْدٍ وَ ابْنُ أَبِي سُفْيَانَ فَمَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى خَيْراً أَمَّا ثِقَةُ أَهْلِ الشَّامِ بِي فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَ قَدْ سِرْتُ إِلَيْهِمْ مَعَ عَلِيٍّ وَ أَمَّا غَضَبِي لِعُثْمَانَ فَلَوْ شَهِدْتُهُ لَنَصَرْتُهُ وَ أَمَّا بُغْضِي لِلْفِتَنِ فَقَبَّحَ اللَّهُ الْفِتَنَ وَ أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَلَيْسَ بِأَشْرَفَ مِنْ عَلِيٍ
[1] في الأصل: «و كم تعدوا الأمر».
[2] في الأصل: «أبو خباب» و في ح (1: 198): «أبو حباب» صوابهما ما أثبت. و انظر ما سبق في ص 541.
[3] ح: «فتكلم أنت و أتكلم أنا». الطبريّ (6: 39): «فتكلم و أتكلم».
[4] في الأصل: «قد أعد أبا موسى يقدمه في كل شيء» صوابه و تكملته من الطبريّ.
[5] الطبريّ: «اغتزى بذلك كله أن يقدمه» و هي صحيحة، ففي اللسان: اغتزاه:
قصده. و أنشد ابن الأعرابى (اللسان 19: 359):
* قد يغتزى الهجران بالتجرم*