عَلَى أَمَضِّ الْأَلَمِ وَ جِدّاً عَلَى جِهَادِ الْعَدُوِّ وَ الِاسْتِقْلَالِ بِمُبَارَزَةِ الْأَقْرَانِ وَ لَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا وَ الْآخَرُ مِنْ عَدُوِّنَا يَتَصَاوَلَانِ تَصَاوُلَ الْفَحْلَيْنِ يَتَخَالَسَانِ أَنْفُسَهُمَا أَيُّهُمَا يَسْقِي صَاحِبَهُ كَأْسَ الْمَنُونِ فَمَرَّةً لَنَا مِنْ عَدُوِّنَا وَ مَرَّةً لِعَدُوِّنَا مِنَّا فَلَمَّا رَآنَا اللَّهُ صُبُراً صُدُقاً أَنْزَلَ اللَّهُ بِعَدُوِّنَا الْكَبْتَ وَ أَنْزَلَ عَلَيْنَا النَّصْرَ وَ لَعَمْرِي لَوْ كُنَّا نَأْتِي مِثْلَ الَّذِينَ أَتَيْتُمْ مَا قَامَ الدِّينُ وَ لَا عَزَّ الْإِسْلَامُ وَ ايْمُ اللَّهِ لَتَحْلُبُنَّهَا دَماً فَاحْفَظُوا مَا أَقُولُ لَكُمْ» يَعْنِي الْخَوَارِجَ.
[قول علي في الأشتر و مقتل حابس و لحاق زيد بن عدي بن حاتم بمعاوية]
نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ:: قِيلَ لِعَلِيٍّ لَمَّا كُتِبَتِ الصَّحِيفَةُ: إِنَّ الْأَشْتَرَ لَمْ يَرْضَ بِمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ وَ لَا يَرَى إِلَّا قِتَالَ الْقَوْمِ فَقَالَ عَلِيٌّ: بَلَى إِنَّ الْأَشْتَرَ لَيَرْضَى إِذَا رَضِيتُ وَ قَدْ رَضِيتُ وَ رَضِيتُمْ وَ لَا يَصْلُحُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الرِّضَا وَ لَا التَّبْدِيلُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ إِلَّا أَنْ يُعْصَى اللَّهُ وَ يُتَعَدَّى مَا فِي كِتَابِهِ وَ أَمَّا الَّذِي ذَكَرْتُمْ مِنْ تَرْكِهِ أَمْرِي وَ مَا أَنَا عَلَيْهِ فَلَيْسَ مِنْ أُولَئِكَ وَ لَيْسَ أَتَخَوَّفُهُ عَلَى ذَلِكَ[1] وَ لَيْتَ فِيكُمْ مِثْلَهُ اثْنَيْنِ بَلْ لَيْتَ فِيكُمْ مِثْلَهُ وَاحِداً يَرَى فِي عَدُوِّهِ مِثْلَ رَأْيِهِ إِذَنْ لَخَفَّتْ عَلَيَّ مَئُونَتُكُمْ وَ رَجَوْتُ أَنْ يَسْتَقِيمَ لِي بَعْضُ أَوَدِكُمْ وَ أَمَّا الْقَضِيَّةُ فَقَدِ اسْتَوْثَقْنَا لَكُمْ فِيهَا فَقَدْ طَمِعْتُ أَلَّا تَضِلُّوا إِنْ شَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ» وَ كَانَ الْكِتَابُ فِي صَفَرٍ وَ الْأَجَلُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ يَلْتَقِي الْحَكَمَانِ.
ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ أَقْبَلُوا عَلَى قَتْلَاهُمْ يَدْفِنُونَهُمْ قَالَ: وَ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ دَعَا حَابِسَ بْنَ سَعْدٍ الطَّائِيَّ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُوَلِّيَكَ قَضَاءَ حِمْصٍ فَكَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ؟ قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي وَ أَسْتَشِيرُ جُلَسَائِي فَانْطَلَقَ فَلَمْ يَمْضِ إِلَّا يَسِيراً حَتَّى رَجَعَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا أَحْبَبْتُ أَنْ أَقُصَّهَا عَلَيْكَ قَالَ: هَاتِهَا قَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ الشَّمْسَ أَقْبَلَتْ مِنَ الْمَشْرِقِ وَ مَعَهَا جَمْعٌ عَظِيمٌ-
[1] ح:« و لا أعرفه على ذلك».