الظَّفَرَ إِنْ لَمْ تَجْمَعُوا عَلَى الْخَوَرِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ إِنَّكَ وَ اللَّهِ مَا رَأَيْتَ ظَفَراً وَ لَا خَوَراً هَلُمَّ فَاشْهَدْ عَلَى نَفْسِكَ وَ أَقْرِرْ بِمَا كُتِبَ فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ فَإِنَّهُ لَا رَغْبَةَ بِكَ عَنِ النَّاسِ قَالَ بَلَى وَ اللَّهِ إِنَّ بِي لَرَغْبَةً عَنْكَ فِي الدُّنْيَا لِلدُّنْيَا وَ فِي الْآخِرَةِ لِلْآخِرَةِ وَ لَقَدْ سَفَكَ اللَّهُ بِسَيْفِي هَذَا دِمَاءَ رِجَالٍ مَا أَنْتَ بِخَيْرٍ مِنْهُمْ عِنْدِي وَ لَا أَحْرَمَ دَماً فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ رَبِيعَةَ فَنَظَرْتُ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ وَ كَأَنَّمَا قُصِعَ عَلَى أَنْفِهِ الْحُمَمُ[1] وَ هُوَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ ثُمَّ قَالَ وَ لَكِنْ قَدْ رَضِيتُ بِمَا صَنَعَ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ دَخَلْتُ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ وَ خَرَجْتُ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ إِلَّا فِي هُدًى وَ صَوَابٍ.
[الخلاف في التحكيم بعده و ظهور المحكمة]
نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ عَنْ أَبِي جَنَابٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ[2] عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ[3] وَ غَيْرِهِ أَنَّ الْأَشْعَثَ خَرَجَ فِي النَّاسِ بِذَلِكَ الْكِتَابِ يَقْرَؤُهُ عَلَى النَّاسِ وَ يَعْرِضُهُ عَلَيْهِمْ وَ يَمُرُّ بِهِ عَلَى صُفُوفِ أَهْلِ الشَّامِ وَ رَايَاتِهِمْ فَرَضُوا بِذَلِكَ ثُمَّ مَرَّ بِهِ عَلَى صُفُوفِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَ رَايَاتِهِمْ يَعْرِضُهُ عَلَيْهِمْ حَتَّى مَرَّ بِرَايَاتِ عَنَزَةَ وَ كَانَ مَعَ عَلِيٍّ مِنْ عَنَزَةَ بِصِفِّينَ أَرْبَعَةُ آلَافِ مُجَفِّفٍ[4] فَلَمَّا مَرَّ بِهِمُ الْأَشْعَثُ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ قَالَ فِتْيَانٌ مِنْهُمْ: لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ ثُمَّ حَمَلَا عَلَى أَهْلِ الشَّامِ بِسُيُوفِهِمَا فَقَاتَلَا حَتَّى قُتِلَا عَلَى بَابِ رِوَاقِ مُعَاوِيَةَ وَ هُمَا أَوَّلُ مَنْ حَكَّمَ[5] وَ اسْمَاهُمَا مَعْدَانُ وَ جَعْدٌ أَخَوَانِ ثُمَّ مَرَّ بِهَا عَلَى مُرَادٍ فَقَالَ صَالِحُ بْنُ شَقِيقٍ وَ كَانَ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ:
[1] القصع: الضرب و الدلك. و الحمم: الرماد و الفحم و كل ما احترق من النار، واحدته حممة. و في ح( 1: 192):« الحميم». و ما أثبت من الأصل يطابق ما في الطبريّ.
[2] ح:« شفيع».
[3] ح:« سفيان بن سلمة».
[4] المجفف: لابس التجفاف، و أصله ما يجلل به الفرس من سلاح و آلة تقية الجراحة.
[5] في اللسان:« و الخوارج يسمون المحكمة؛ لإنكارهم أمر الحكمين و قولهم لا حكم إلّا للّه».